قبل أيام من ذلك التوقيت من العام قبل الماضي كنا مازلنا نعيش تحت نير النظام البائد وأي منا لم يكن يتوقع أن أياما سوف تمضي بنا وتحدث المعجزة.. كنا في هذه الأيام معنيين بذلك الحادث البشع الذي وقع بكنيسة القديسين وراح ضحيته أبناء من هذا الوطن.. كانت مصر تموج بأحداث متباينة فالسلطة وقتها كانت تمهد للاعلان عن المتهمين في ذلك الحادث البشع.. والناس ما بين تائه ومترقب فيما كان هناك من من اضطرمت صدورهم بالغليان احتجاجا علي ما تمربه مصر من انتهاكات للحقوق والآدمية والكرامة في أحاييين كثيرة. وجاء يوم25 يناير وجلس الفرعون علي عرشه وهامان يعرض عليه تلك المسرحية الهزلية لجناة ليسوا بالجناه وقائمين علي تنفيذ العدل هم أبعد ما يكونوا عنه فيما كان هناك المئات من الشباب يتجمعون في التحرير وسرعان ما تضاعفت الأعداد و أصبحت ألافا وعشرات الآلاف.. كانت الثورة أشبه بكرة الثلج التي اشتعلت نارا وبدلا من أن تذوب كانت تكبر وتكبر أمام صلف جحافل الشرطة الغاشمة وقتها وتحول العناد الشاب البرئ المخضب بالدماء الزكية إلي إرادة لا تلين لتحقيق التغيير وكما بدأت كرة الثلج صغيرة وكبرت كبر الحلم معها من تغيير جذئي إلي تغيير شامل لشكل الحياة السياسية في مصر. وكما كانت الإرادة الشبابية المصرية قوية ومبهرة كانت المقاومة السلطوية شرسة و مستبدة تسحل في طريقها كل شئ.. الحلم والإرادة ولكنت بقيت لحظات التحدي شامخة في صورة ذلك الشاب الذي وقف في تحدي عظيم أمام عربة الشرطة المصفحة التي تتجه ناحيته في اندفاع جنوني وهويقف صلبا شامخا يداه في جنبه بوضع التحدي الذي لا يلين وما هي إلا لحظات وكان تحت عجلات المصفحة.. مات الشاب الشامخ شهيدا ولكن لم تمت إرادته لم تستطع المصفحة ولا كل مصفحات النظام الفاسد في أن تخفت جذوة الثورة التي كانت قد اندلعت وتعالي لهيبها حتي أحرق كل شئ السلطة الفاسدة وأحلام التوريث وأوكار النهب والاتجار بالبشر و...و... اليوم نتذكر بداية الشرارة المقدسة لثورة وصفها العالم بالملهمة.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ماذا فعلنا بهذه الثورة الملهمة.. هل ألهمتنا بشئ لمستقبل هذا البلد الذي انطلقت من أجله هذه الثورة أصلا ؟ إلي متي يبقي بنا الحال هكذا في جمود وتخبط يدفعنا للوراء لا للأمام.. إن دماء الشهداء التي لم يقتص لها بعد تنتظر ماذا نحن فاعلون بثورتهم.. هل تذهب إلي غياهب النسيان ويذهبون هم ودمائهم المهدرة معها ؟ أم تتجدد الثورة وتكتمل ببناء سياسي حقيقي يعبرالخلاف والأطماع ويزرع بذور التوحد والتقدم لبلد كان يرتع في الفساد ويحلم يوما بأن يحتل مكانته الطبيعية في صفوف الدول المتقدمة. إلي متي يظل ذلك الصراع علي السلطة ورغبات البعض في فرض سيطرتهم وهيمنتهم وحدهم وإلي متي تظل مصر غنيمة لكل طامع ؟! وإلي متي تستمر هذه الحالة من الشتات السياسي الذي ترك أثرا سلبيا علي مجتمعنا فهان الدم المصري وفرض البلطجية سطوتهم علي المشهد السياسي في ظل غياب حوار بناء بين كل القوي السياسية. إن مصر يا سادة في حاجة إلي مصالحة وطنية عاجلة قبل أن يفوت الأوان ولا تملأ صدورنا ساعتها إلا الحصرة والندم علي وطن كان غاليا وهان بأيدينا. خ ح ا