السيوطي يرفض البدع وابن الجوزي يتمسك بالبشري العاجلة والعسقلاني يرصد المحاسن وعكسها والسخاوي يتأمل المعجزات وأحسن منك لم تر قط عيني.. وأجمل منك لم تلد النساء.. خلقت مبرءا من كل عيب.. كأنك قد خلقت كما تشاء كلمات رائعة قالها حسان بن ثابت في وصف النبي الكريم صلي الله عليه وسلم الذي تحتفل الأمة الإسلامية هذه الأيام بذكري مولده ومن جيل إلي جيل تتواصل الكلمات الرائعة حيث يقول أحمد شوقي: ولد الهدي فالكائنات ضياء. وبعيدا عن كلمات الأساتذة والشيوخ المحدثين نتوقف اليوم وفي تلك الذكري النورانية الطيبة مع كلمات وآراء كبار الأئمة وشيوخ السيرة والسلف الصالح والرموز التي تمثل علامات شامخة في التاريخ الإسلامي ونرصد بعضا مما قالوه في شأن المولد النبوي الشريف فماذا قالوا ؟ يقول الإمام السيوطي: عندي أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة في مبدأ أمر النبي وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة علي ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف. واختصر ابن الجوزي واوجز فأنجز وأعجز حيث قال عن المولد النبوي: من خواصه أنه أمان في ذلك العام وبشري عاجلة بنيل البغية والمرام. أما ابن حجر العسقلاني: أصل عمل المولد بدعة لم تنقل عن السلف الصالح من القرون الثلاثة, ولكنها مع ذلك اشتملت علي محاسن وضدها, فمن تحري في عملها المحاسن وتجنب ضدها كانت بدعة حسنة, وقد ظهر لي تخريجها علي أصل ثابت, وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم, فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون, ونجي موسي, فنحن نصومه شكرا لله, فيستفاد منه فعل الشكر لله علي ما من به في يوم معين من إسداء نعمة, أو دفع نقمة.. إلي أن قال: وأي نعمة أعظم من نعمة بروز هذا النبي.. نبي الرحمة في ذلك اليوم, فهذا ما يتعلق بأصل عمله, وأما ما يعمل فيه: فينبغي أن يقتصر فيه علي ما يفهم الشكر لله تعالي من نحو ما تقدم من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلي فعل الخير والعمل للآخرة. أما العلامة السخاوي فقال عن المولد النبوي: لم يفعله أحد من السلف في القرون الثلاثة, وإنما حدث بعد, ثم لا زال أهل الاسلام من سائر الأقطار والمدن يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات ويعتنون بقراءة مولده الكريم, ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم. وتأتي كلمات ابن الحاج المالكي معجزة في قوله: فكان يجب أن نزداد يوم الاثنين الثاني عشر في ربيع الأول من العبادات والخير شكرا للمولي علي ما أولانا من هذه النعم العظيمة وأعظمها ميلاد المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم. وقال أيضا: ومن تعظيمه صلي الله عليه وآله وسلم الفرح بليلة ولادته وقراءة المولد. ويضيف العلامة ابن عابدين: اعلم أن من البدع المحمودة عمل المولد الشريف من الشهر الذي ولد فيه صلي الله عليه وآله وسلم. وقال أيضا: فالاجتماع لسماع قصة صاحب المعجزات عليه أفضل الصلوات وأكمل التحيات من اعظم القربات لما يشتمل عليه من المعجزات وكثرة الصلوات. أما الحافظ عبد الرحيم العراقي فقال إن اتخاذ الوليمة وإطعام الطعام مستحب في كل وقت فكيف إذا انضم إلي ذلك الفرح والسرور بظهورنوررسول الله في هذا الشهر الشريف ولا يلزم من كونه بدعة كونه مكروها فكم من بدعة مستحبة قد تكون واجبة. ويقول الحافظ شمس الدين ابن الجزري, قد رؤي أبو لهب بعد موته في النوم فقيل له: ما حالك؟ فقال: في النار إلا أنه يخفف عني كل ليلة اثنين, وأمص من بين أصبعي ماء بقدر هذا وأشار لرأس أصبعه وأن ذلك بإعتاقي لثويبة عندما بشرتني بولادة النبي وبإرضاعها له. فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي صلي الله عليه وسلم به فما حال المسلم الموحد من أمة النبي يسر بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته, لعمري إنما يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم. ويقول أبو شامة( شيخ النووي),: ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلي الله عليه وآله وسلم من الصدقات, والمعروف, وإظهار الزينة والسرور, فإن ذلك مشعر بمحبته صلي الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكرا لله تعالي علي ما من به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين. أما الشهاب أحمد القسطلاني( شارح البخاري فقال: فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعيادا, ليكون أشد علة علي من في قلبه مرض وإعياء داء. ماجدة الطباخ