تجمع تحليلات صادرة من مراكز الدراسات الأمريكية والكورية الجنوبية واليابانية أن الصاروخ طويل المدي الذي أطلقته كوريا الشمالية يوم12 من ديسمبر الجاري, كان يهدف إلي تطوير تقنية الصواريخ العابرة للقارات بدلا من حمله قمرا صناعيا. واستندوا في تحليلهم إلي اجراء الفحص علي بقايا المرحلة الأولي من الصاروخ الكوري والتي تم انتشالها من مياه البحر الغربي, وشارك فيها42 خبيرا من مختلف الجهات المختصة بالدفاع والأمن, والفضاء ونتيجة للفحص الدقيق علي مواد حمضية متبقية في حاوية مؤكسدة التي تخزن حامض النيتريك الأحمر مما يشير إلي أن استخدام المواد يشير إلي ان الغرض من اطلاق الصاروخ طويل المدي أقرب إلي تطوير تقنية الصواريخ العابرة للقارات بدلا من تطوير الأقمار الصناعية. ويشار إلي أن الصواريخ التي تحمل أقمارا صناعية فضائية بصورة عامة تستخدم الأوكسجين السائل والمجمد بدرجة حرارة منخفضة. وبحسب محاكاة الكمبيوتر, يعتقد بأن الصاروخ حمل كمية48 طنا كقوة دافعة بوزن118 طنا, مقارنة مع الصواريخ ذات سعة170 طنا. أن الصاروخ الكوري الشمالي طويل المدي كان مجهزا بقدرة تحليق علي بعد أكثر من10,000 كيلو متر مع حمل ما بين118 500 كيلو جرام من الرؤوس الحربية. إن كوريا الشمالية طورت صواريخ رودونج وسكود بصورة فعالة لتطوير صاروخ طويل المدي ذي ثلاث مراحل وطبقت تقنية التفريق بصورة ناجحة من خلال تركيب4 محركات من صاروخ رودونج في المرحلة الأولي ومحرك واحد من صاروخ سكود في المرحلة الثانية في محاولة منها لتطوير هذه التقنية وتوفير الوقت والتكلفة. ونظرا لطريقة ربط مراحل الصاروخ بمواد مستخدمة بطريقة يدوية وليس باستخدام ماكينة. والسؤال المطروح هل يهدد هذا الصاروخ الباليستي الولاياتالمتحدةالامريكية. البيت الأبيض الأمريكي أوضح في13 ديسمبر ان نجاح كوريا الشمالية في إطلاق الصاروخ الطويل المدي, غير انه يعتقد بأنها لا تمتلك تقنية صاروخية تهدد الأراضي الأمريكية. وانه من غير الممكن أن يصل الصاروخ الكوري الشمالي إلي الأراضي الأمريكية من ناحية تقنية. وذكر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يسعي للدفاع الصاروخي لمواجهة تهديدات حقيقية ويستهدف ذلك كوريا الشمالية إلي جانب إيران, مشددا علي أن الولاياتالمتحدة تدرك أن هذه التهديدات مشكلة خطرة ولهذا تتعامل معها من الجوانب المختلفة. لكن وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت جيتس قد توقع أن تكون كوريا الشمالية قادرة علي شن هجوم علي ولاية ألاسكاالأمريكية أو الساحل الغربي للولايات المتحدة باستخدام الصاروخ الباليستي العابر للقارات في غضون5 سنوات. والواقع ان الجغرافيا الأمنية في تلك المنطقة قد تغيرت بعد أن نجحت كوريا الشمالية في إطلاق قمر صناعي ووضعه علي مدار الأرض وأظهرت للعالم أن هذه الدولة المعزولة عن العالم قد اقتربت من بناء صواريخ باليستية تحمل رؤوسا نووية عابرة للقارات, وكانت كوريا الشمالية قد جربت أربع مرات إطلاق صواريخ بعيدة المدي حتي الآن. وأجرت أول عملية إطلاق لها في عام1998, بينما جرت ثاني تجربة في عام2009. وقد فشلت هاتان التجربتان. كما فشل الإطلاق الثالث الذي جري في الثالث عشر من شهر ابريل الماضي في توصيل القمر كوانج ميونج سونج3 إلي مداره المقرر. ونجحت التجربة الرابعة. ويتزامن ذلك مع تغير قيادات الصين, اليابان, وكوريا الجنوبية في غضون الاسبوعين الاخيرين الا انه من السابق لأوانه القول إن كوريا الشمالية وضعت صاروخا باليستيا عابرا للقارات, فلجعل الصاروخ عابرا للقارات يحمل رأسا حربية نووية يمكنه ضرب الأعداء البعيدين, كما يقول الخبراء, فلابد أن تكون الحمولة صغيرة نسبيا, وقادرة علي تحمل الحرارة الشديدة عند دخولها الغلاف الأرضي لإصابة الهدف. وتحتاج كوريا الشمالية لتكنولوجيا تمكن الرأس الحربي دخوله الغلاف الجوي مرة أخري قادما من الفضاء. لكن مما لاشك فيه فإن الشمال سيسعي لتطوير هذه التكنولوجيا. ويعتقد حاليا علي نطاق واسع أن كوريا الشمالية تملك التكنولوجيا الأساسية في هذا المجال. إن هذه الخطوة تدفع جيران كوريا الشمالية نحو مباراة أخري لتخمين ما إذا كانت بيونج يانج بصدد إجراء تجربة نووية ثالثة, فلدي كوريا الشمالية سجل في الإقدام علي هذه الخطوة عقب إطلاقها صواريخ باليستية وهذا تكرر في عامي2006 و2009. ويمكن تفسير السلوك الكوري الشمالي بأنه قد يعود إلي اعتقاد القائد الشاب كيم يونج أون بأن المسارات التصعيدية ومعاناة المجتمع الدولي سيضمنان له موقفا يكون فيه أكثر قدرة علي المساومة. لكن مسار المواجهة لن يسفر إلا عن احتمال انهيار النظام جراء عقوبات دولية مشددة, الأمر الذي يعقد الموقف الأمني في شبه الجزيرة الكورية وفي شمال شرق آسيا عموما.