إعلان أوائل الثانوية الأزهرية دون احتفال |اعتماد النتيجة بنسبة نجاح 65.1٪ علمى و45.5٪ أدبى    برلماني: دعوات الإخوان للتظاهر خبيثة وتخدم أجندات إرهابية"    أسعار الذهب اليوم 26 يوليو في ختام التعاملات    ميناء دمياط.. 39 عامًا من التطوير    الإمارات تعلن استئنانف عمليات إسقاط المساعدات جوًا في غزة    بسبب حملة يقودها ترامب.. وكالة ناسا ستفقد 20% من قوتها العاملة    8 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف خيمة نازحين جنوب قطاع غزة    مقتل مدني جراء هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية في كورسك الروسية    القوات الإسرائيلية تستعد لاعتراض السفينة "حنظلة" المتجهة لكسر الحصار عن غزة    بعثة منتخب الدراجات تطير إلى الجزائر للمشاركة في البطولة الإفريقية للمدارس    البحث عن مسنة أسفل عقار أسيوط المنهار.. الأمن يواصل جهوده    وفاء عامر ترد على تضامن نقابة المهن التمثيلية معها    سميرة عبد العزيز: الفن حياتي والمخرجون طوّروا أدواتي    "التزمت بالمنهج العلمي".. سعاد صالح توضح حقيقة فتواها بشأن الحشيش    جامعة المنصورة تطلق القافلة الشاملة «جسور الخير 22» إلى شمال سيناء| صور    الحكم بحبس أنوسة كوتة 3 أشهر في واقعة هجوم النمر على عامل سيرك طنطا    ‬محافظ المنيا يضع حجر الأساس لمبادرة "بيوت الخير" لتأهيل 500 منزل    البحوث الإسلامية ردًا على سعاد صالح: الحشيش من المواد المخدرة المذهبة للعقل والمحرمة    هل تجنب أذى الأقارب يعني قطيعة الأرحام؟.. أزهري يوضح    بريطانيا: يجب على إسرائيل السماح بإدخال المساعدات لغزة    احذر- الأكل حتى الشبع يهدد صحتك    إعلام إسرائيلي عن مصادر: الوسطاء يضغطون على حماس لتخفيف مواقفها    بعد كسر خط مياه.. توفير 8 سيارات مياه بالمناطق المتضررة بكفر الدوار    ترامب: سأطلب من كمبوديا وتايلاند وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب    ضبط سائق ميكروباص يسير عكس الاتجاه بصحراوي الإسكندرية    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    مواعيد القطارات على خط القاهرة - الإسكندرية والعكس    يا دنيا يا غرامي.. المجلس الأعلى للثقافة    الكشف على 394 مواطنًا وإجراء 10 عمليات جراحية في اليوم الأول لقافلة شمال سيناء    عقوبة الإيقاف في الدوري الأمريكي تثير غضب ميسي    وزير الشباب: تتويج محمد زكريا وأمينة عرفي بلقبي بطولة العالم للاسكواش يؤكد التفوق المصري العالمي    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    الأهلي يعلن إعارة يوسف عبد الحفيظ إلى فاركو    محمد شريف: شارة قيادة الأهلي تاريخ ومسؤولية    كلمتهم واحدة.. أبراج «عنيدة» لا تتراجع عن رأيها أبدًا    دور العرض السينمائية تقرر رفع فيلم سيكو سيكو من شاشاتها.. تعرف على السبب    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    وزير قطاع الأعمال يتابع مشروع إعادة تشغيل مصنع بلوكات الأنود بالعين السخنة    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    جامعة الأزهر تقرر إيقاف سعاد صالح لحين انتهاء التحقيق معها بعد فتوى الحشيش    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    سعر الحديد اليوم السبت 26-7-2025.. الطن ب 40 ألف جنيه    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    الجيش الإسرائيلي: رصد إطلاق صاروخ من جنوب قطاع غزة    وزير الإسكان يتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عمر سليمان بالإسكندرية    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    حازم الجندي: فيديوهات الإخوان المفبركة محاولة بائسة للنيل من استقرار مصر    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت في سوق الجواري
نشر في الأهرام المسائي يوم 22 - 12 - 2012

تذكرت ياسمين وجه الرجل القبيح الذي جلب لها عذاب ومشقة لم تتوقعها منذ أن كانت طفلة صغيرة تحبو في إحدي قري كفر الشيخ وتذكرت كيف زين محمود المخدماتي لوالدتها اصطحابهما إلي القاهرة للعمل شغالة في بيوت الأثرياء والتي
كما أخبروها كثيرا ما يغدقون علي الصغيرات ممن هن في مثل سنها بالأموال والهدايا خاصة في المواسم والأعياد‏.‏
بدأت رحلة العذاب ل ياسمين منذ نعومة أظفارها فقد مات الأب قبل أن تبلغ العاشرة من عمرها وترك للأم عبئا ثقيلا‏..‏ أسرة مكونة من‏6‏ أطفال أكبرهم ياسمين التي أطلق أبوها ذلك الأسم عليها تيمنا بإحدي سيدات الأعمال في القاهرة والتي عرفتها القرية من تردد أسمها علي لسان والد طفلة كانت تعمل لديها وكانت هذه السيدة تغدق عليه وعلي أسرته بالأموال والهدايا حتي إنتشلتهم جميعا من فقر مدقع وكانت السيدة ياسمين هي مصدر الخير لهم وأصبحت الخدمة لدي الست ياسمين و من هم علي شاكلتها أمنية كل الأسر الفقيرة في القرية‏.‏
عملت ياسمين ذات الضفائر الذهبيه في الزراعة مع أقرانها من بنات وصبيان القرية ولكنها كانت دائما ما تشكو لأمها آلام العمل والكد طوال النهار في الحقول فمن جني ثمار الطماطم إلي تنظيف القمح من الحشائش الضارة وحتي حصاد الذرة وحش البرسيم ولم يكن الكد والتعب هو فقط السبب في شكواها وإنما الأجرة القليلة التي تتقاضاها ياسمين نظير عملها منذ شروق الشمس وحتي تؤذن بالمغيب كانت هي الاخري مصدرا للشكوي حيث لم يزد أجرها علي خمسة عشرة جنيها لا تكفي لسد رمق جوعها هي وأشقاؤها الأطفال‏.‏ رضخت ياسمين لرغبة الأم بعد أن روادتها أحلام اليقظة بنعيم القاهرة وساكني الشقق الفاخرة والفيلات والقصور وكأن دعوات الأم و البنات الأطفال صديقاتها باتت حقيقة سوف تعيشها الطفلة البائسة‏.‏
جاء عم محمود الذي بدا منتشيا وسعيدا بعد أن ردد بعض عبارات المداعبة والقفشات الضاحكة مع الأم بعد أن هاتفته وابلغته برغبتها في السفر مع طفلتها عقب الموافقة علي عرضه بذهاب ياسمين معه إلي القاهرة للعمل لدي إحدي الأسر في منطقة مدينة نصر ورغم الرهبة والخوف الذي ظهر علي ياسمين إلا أنها كانت قانعة وراضية تماما علي ذهابها إلي القاهرة المدينة الساحرة الباب الأوحد إلي الثراء والأموال
ركب الثلاثة القطار الأم وياسمين وعم محمود وبدت ياسمين متزينة بعد أن حرصت علي الاغتسال جيدا وتقليم أظافرها التي علقت بها بعض حبيبات الطين ولكن آثار العمل بالمزارع لم تستطع إزالتها وبدا وجهها الصبوح مع ملامحها التي تبعث علي الشفقة جاذبة لكل من لديه بعض شعور من الرحمة‏.‏
تناول عم محمود عدة قصص وحكايات علي من قام بالتوسط لهم في العمل لدي الأثرياء بين خلالها كيف انتقل هؤلاء من البؤس والفقر والشقاء إلي النعيم والسعادة و الثراء بعد أن أغدق الأغنياء عليهم بالأموال فمنهم الطفلة التي عند زواجها تكفلت أسرة بجهازها وأخري غيرت أثاث منزل أسرتها و جلبت لأسرتها عددا من قطع الماشية‏.‏ كانت ياسمين مأخوذة وهي ابنة الرابعة عشرة حيث لم تتعود النوم خارج منزلها وبعيدا عن أسرتها فما بالها ستكون مع سيدة وزوجها لا تعرفهما في مدينة بلا قلب لا تعرف فيها أحدا سوي عم محمود وبعض الفتيات التي لا تعرف عنهم سوي عناوين الشقق والفيلات التي يخدمون بها‏.‏
وصلت ياسمين إلي المنزل المنشود والذي كان شقة كبيرة في إحدي الشوارع الراقية بمدينة نصر وفتح رجل خمسيني المنزل ورحب بمحمود والأم وياسمين قائلا‏:‏ مقعده متبسما وقال‏:‏ أهلا يا ست هانم‏..‏ سلمي يا ياسمين علي الهانم ترددت ياسمين رهبة وخوفا وقالت‏:‏ أهلا ياستي‏.‏
وخلال دقائق كانت الأم قد غادرت بصحبة محمود بعد أن تقاضت أول راتب شهري لياسمين‏..‏ ألف جنيه‏..‏ كانت كفيلة بأن تجعل قلب الام يرقص فرحا بأول قطرة غيث لخير وفير ستجلبه لها طفلتها‏.‏
بدأت السيدة جيلان ربة المنزل تعامل ياسمين بلطف في أيامها الأولي لكن بمرور الأيام تبدلت الأحوال وتغيرت تلك المعاملة خلال أشهر حيث بدأ العقاب علي حرق القهوة وعدم ضبط الشاي و كرمشة الملابس وغيرها من توافه الامور التي كثيرا ما تخطأ الخادمات خاصة الأطفال منهن فيها وبدأ الشقاء في معرفة طريقه إلي ياسمين برغم ما تتقاضاه من أموال وملابس لم تكن تحلم بها حيث بدأ الأمر بالتعنيف والشتائم بكلمات لاذعة حتي وصل الامر إلي الضرب المبرح‏.‏
كانت ياسمين تشكو لأمها ما لاقته من صنوف وألوان العذاب علي يد مخدومتها رغم أنها حاولت كثيرا في إسترضائها وعمل كل ما تطلبه منها إلا أنها تتفنن في قهرها وكانها تتلذذ بذلك رغم تدخل الزوج والأبناء في تلطيف الأجواء وحث الست هانم علي معاملتها بالحسني إلا أن ذلك لم يجدي شيئا وكانت في كل مرة تشكو ياسمين فيها لأمها تخبرها بأنها وأخوتها لا مصدر لرزقهم سوي العمل لدي الست وأنها بترك العمل لديها ستتركهم فريسة سهلة للجوع والفقر وبالتالي لا مناص من العمل لدي الهانم المستبدة‏.‏
وكانت ياسمين كثيرا ما تام ودموعها في عينيها من شر ما تلاقيه و كانت كلما تذكرت صورة شقيقاتها الصغار فرحين بالملابس والحلوي والألعاب الجديدة ترضي بما حققته لهم‏.‏
وفي إحدي المرات رفعت الهانم عصاها وهوت بها علي رأس الطفلة فسقطت علي الأرض بعد أن تلقت عدة ضربات علي جسدها النحيل وتحملتها ولما إغتاظت الهانم أنهت الضرب بضربة علي رأس الطفلة لتسقط مغشي عليها‏.‏
أصيبت الهانم جيلان بصدمة وكادت تسقط بجوار الطفلة لولا تدخل الزوج الذي أنقذ الموقف وحمل الطفلة سريعا إلي أحد المستشفيات الخاصة الفاخرة والتي فيها خدمات متميزة والتي تعالج الاسرة بأكلها وبمجرد وصول الطفلة بدا الطبيب في علاجها ولما سأل ماذا حدث لها ؟‏..‏ ردت السيدة جيلان بأنها وجدتها مغشيا عليها في الحمام‏.‏
ولما تخوف الطبيب من الأمر بعد أن وجد آثار كدمات نتيجة الضرب المبرح في أجزاء متفرقة من جسد الفتاة وبعد أن تحققت هواجسه من كلمات المخدومة قام بإبلاغ اللواء عصام سعد مدير المباحث الجنائية الذي أمر بتشكيل فريق بحث ترأسه اللواء عبدالعزيز خضر مفتش المباحث حيث تمكن النقيب إسلام مقبل من كشف غموض الوقعة وذلك من خلال التحريات التي أثبتت قيام الهانم بتعذيب الفتاة خلال فترات سابقة حيث كان أحد شهود العيان أحد الجيران والذي يعمل محاميا حيث أكد لفريق المباحث أنه كثيرا ما كان يسمع صرخات واستغاثات الطفلة أثناء ضربها‏.‏ وبعد ضبط الهانم وزوجها وأمام أحمد سبالة وكيل نيابة مدينة نصر أول اعترفت الزوجة بقيامها بتعنيف الطفلة بسبب إهمالها في أعمال المنزل حيث انها كثيرا ما حرقت الملابس وأتلفت الطعام ولذلك كانت تقوم بتعنيفها بالكلمات فقط ولكن إدعاءاتها لم تنطل علي المحقق الذي أمر بحبسها‏4‏ أيام علي ذمة التحقيق بتهمة الضرب الذي أفضي إلي موت‏.‏

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.