أصبح مصطلح الحياد الإعلامي يشكل أزمة لكل مواطن وسياسي في الفترة الأخيرة, حيث أصبح لكل فصيل سياسي قنواته الخاصة بالإضافة إلي اتهام قنوات كل فريق بعدم الحيادية والمهنية, فالحكومة أصبحت تري ان بعض القنوات الخاصة ممولة من الفلول, وبالتالي غير محايدة, بينما يري الفريق المعارض للحكومة أن التليفزيون المصري بقنواته, وعددا من القنوات الخاصة منحازة لصالح النظام الحاكم, ويطالبونه بصفة مستمرة بضرورة الحياد الإعلامي, وأن يتوافر لديه الرأي والرأي الآخر,.. الأهرام المسائي ناقشت عددا من الإعلاميين وخبراء الإعلام حول مصطلح الحياد الإعلامي, وإمكانية تحقيقه وتطبيقه علي كل القنوات الخاصة والحكومية, في البداية يقول د. سامي الشريف أنه لا يوجد في العالم كله إعلام محايد بنسبة100% أو حر بنسبة100% لان الإعلام في كل دول العالم يتبع وينفذ سياسة ممولة فإذا كانت وزارة الإعلام فأنه يتبع الدولة يدافع عنها ويبرر تصرفاتها, وإذا كان رجل أعمال فانه يخدم مصالحه ونفس الحال إذا كانت مؤسسة دينية. أضاف قائلا ان هناك درجات من الحرية في الإعلام وتكون مقيدة في أمور الأمن القومي, حيث يجب علي وسائل الإعلام أن تتحلي بالموضوعية في معالجة القضايا ذات الطابع الوطني فلا تغلب مصالحها الشخصية علي مصلحة الوطن, حيث يجب ان تكون هناك موضوعية في القضايا المصيرية. ويمكن لمتابع لاداء الإعلام ان يجد خروجا عن المهنية والموضوعية فلكل فصيل سياسي وسائل إعلامه التي يتسلح بها, ويحشدها لمصلحته الخاصة, حيث يفعل ذلك الإعلام الرسمي بكفاءة بينما تفعله القنوات الخاصة بكفاءة اكبر, والضحية هو الوطن والشعب الذي لا يعلم أين الحقيقة, أصبحت هناك حالة ارتباك فلا احد يعلم اين الخطأ وأين الصواب وأعتقد ان هذه الأمور سيسأل عنها النظام الحاكم والقوي السياسية, فكل يعمل لمصلحته الخاصة ولا يعلي شأن مصر, ولا يجب أن نقول أن وسائل الإعلام هي السبب لان مجتمعنا معتل, وهي تتحدث وتقول أن هناك مشكلة, ولكن هذا لا يمنع ان بعضها يصنع الإثارة ويبالغ مما يزيد من مشاكل المجتمع. ودعا الشريف وسائل الاعلام أن تراعي الله ومصالح الوطن الذي يضيع من بين أيدينا, مشيرا إلي أنه إن لم يحدث توافق وطني فكلنا خاسرون, فمن ينظر لمكسب فهو بسيط في مقابل ملايين الخسائر, حيث يجب أن يحاط الناس علما بالواقع. * بينما قال الإعلامي طارق حبيب ان الحياد الإعلامي لا يتحقق إلا إذا كان المذيع إعلاميا فقط لا توجهات له سواء من قيادات أو أصحاب رأس المال, أما إذا كان محايدا وتدخلت القيادات لإجباره علي التحدث عن شيء لينحاز له فمن حقه أن يرفض, ويمتنع عن العمل وأضاف أن الحيادية هي المطلوبة في هذا التوقيت, خاصة وأننا لا نحتمل أي انقسامات اخري, فلا يدخل الاعلامي نفسه في حوارات لا تخصه, وألا يتحدث وكأنه صاحب القناة أو القائد العام في البلد, ولكن يترك الأمر للضيف ولا يزيد الأمر انقساما. وأكد الإعلامي حمدي الكنيسي أن مفهوم الحيادية يعني الا يتدخل مقدم البرنامج في الحوار, بما يعكس رأيه الشخصي, وأن يتيح فرصة للرأي والرأي الآخر علي أن تكون المدة كافية بمعني الا يقاطع أحد الطرفين ويربكه بالأسئلة, ويترك المجال للطرف الآخر, ليؤكد الموضوعية في التعامل, مع ضرورة تقديم موجز للحوار. وأشار إلي أن الحيادية تمتد أيضا إلي طريقة صياغة الأخبار, وترتيب فقراتها, لانه كما نلاحظ في الأنظمة الشمولية يتم اختيار الأخبار المتصلة برأس النظام علي حساب أخبار قد تكون أكثر أهمية للشعب, وينعكس ذلك علي صوت المذيع, وهو يقرأ الأخبار. وأوضح انه لكي يتحقق الحياد الإعلامي في كل وسائل الإعلام فانه من الضروري وجود ميثاق شرف إعلامي يجب أن يصدر عن نقابة الإعلاميين, باعتبارها ممثلة للمجتمع المدني, وهي التي تمتلك حق إمكانية المحاسبة وقراراتها من خلال لجنة القيم تكون مقبولة من الجميع, وقد يساعد وجود النقابة في عقد مؤتمر إعلامي يحضره ممثلون للإعلام الرسمي والخاص من اصحاب القنوات بحيث يكون ميثاق الشرف معتمدا من الجميع وملزما له. وقال الإعلامي محمود سلطان ان الكل أصبح يريد انحياز الاعلام لصفة, ولذلك يتهمون بعضهم البعض بعدم الانحياز, وهذا هو المؤسف, فعلي سبيل المثال قطاع الأخبار أري أنه محايد, ويأتي بالقوي الثورية من ناحية والإخوان والسلفيين من ناحية اخري, كما يحافظون علي التوازن, ومع ذلك يريد البعض التحيز بشكل اكبر ليتأكد ان الجهة الإعلامية تقف في صفه, وهو ما لايجب أن يحدث, لان الحياد هو الذي يعطي المصداقية للجهاز الإعلامي من خلال تقديم وجهات النظر المختلفة. وأضاف علينا أن نعتاد علي النقد, خاصة وانه تسيطر علي العقلية العربية عموما فكرة عدم قبول النقد, ويريد دائما ان يصبح البطل, مشيرا إلي أنه يجب علي المذيع أن يكون مديرا للندوة أو اللقاء والا يحول الدفة لأهوائه الشخصية, ولاتكون له أجندة, فالمسألة بسيطة, مشيرا إلي أن هناك البعض يتمني أن يغلق الإعلام تماما ليفعل ما يريد رغم أهميته في كل مناحي الحياة, ولابد من الاستفادة بذلك وليس عكس ذلك. بينما قالت الإعلامية نهال كمال أن قواعد المهنية تفرض علينا عرض الرأي والرأي الاخر لكن ما يحدث علي أرض الواقع غير ذلك تماما مشيرة إلي انه من المعروف ان هناك اختلافا بين العام والخاص, وكذلك لكل قناة سياستها وتوجهاتها ويظهر ذلك في استضافة المؤيدين لجانب معين, وتجنب المعارضين والعكس, بينما المفروض علي التليفزيون المصري الرسمي ألا يدخل في مثل هذه الأمور لأنه ملك الشعب. وأوضحت أنه لابد من التزام القنوات بالحيادية وأن يدعم ذلك ميثاق شرف متفق عليه, خاصة وأن صاحب رأس المال لديه اتجاه محدد ويريده أن يسود, وهنا يصبح مايعرف باسم سطوة رأس المال, بينما التليفزيون فهو لكل الفصائل وإذا تحيز لجانب دون الآخر فهو ليس ملك الشعب أوفصيل معين. وقالت الإعلامية سهير الأتربي أن أهم عنصر من عناصر تحقيق الحياد هو تقديم الرأي والرأي الآخر وبالتالي يصبح من حق الطرفين ان يقولا ما يريدان, والاهم من كل ذلك هو عدم انحياز مقدم البرنامج لأحد, وابرز مثال علي ذلك هو الإعلامي يسري فودة حينما تحدث عن مسودة الدستور قدم الطرفين المؤيد والمعارض, فمن المهم ألا نعرف اتجاهات المذيع, وهو ما استطاع ان يحققه الإعلامي عماد الدين أديب في برنامجه بهدوء. شريف نادي