الحفاظ علي حياة البشر علي أرض مصر ياسادة يحتاج الي جهود مضنية من خلال منظومة متكاملة تقدم عليها الدولة في كل مرافقها ومؤسساتها ملزمة جميع الكوادر صغيرها وكبيرها بتنفيذها بكل دقة وصرامة دون ابطاء مع وجود مبدأ الثواب والعقاب. القلب يئن ويتوجع والعين تدمع وتنزف دما حزنا علي رحيل فلذات اكبادنا الابرياء الصغار الذين قضوا في حادث القطار اللعين بمنفلوط دون ذنب جنوه سوي انهم طلعوا الي الدنيا بآمال وردية وسط مناخ لايقدر آدميتهم وبراءتهم ولايحترمها فأطاح بهم في غمضة عين دون أن يحرك ساكنا.....خرج الاحباء الصغار قاصدين حلقات دروسهم فاذا بنا نحيلهم الي القبور وكأننا نستكثر أو نضن عليهم بالحياة...! كل شيء بقضاء وقدر ولاراد لقضاء المولي عز وجل...هذا صحيح لكننا كلنا مدانون ومذنبون ومجرمون في هذا الحادث المأساوي الرهيب الذي أوجع القلوب وجعا لامثيل له...ليس مهما ان يكون المتسبب هو سائق الحافلة الأرعن أو عامل المزلقان المهمل فالمتسبب الحقيقي هو التسيب والاهمال الذي أصبح يغلف كل شئ في حياتنا..ديننا يقول اعقلها وتوكل..لكننا لم نعقلها أبدا وربما لم نتوكل..! أضحت حياتنا في مجملها تسير وفق منطق الفهلوة والشطارة والضحك علي الذقون وسياسة مشي حالك ولو رجعنا بالذاكرة قليلا لتذكرنا ضحايا العبارة وحرائق وحوادث القطارات المتكررة فضلا عن صخرة المقطم وحوادث الغرق المتكرر في مياه البحار للباحثين عن لقمة عيش لدي بلاد الفرنجة لان بلدهم لايوفرها لهم ناهيك عن الارواح التي تزهق ليل نهار في حوادث الطرق وغيرها من الحوادث الفردية وما أطلقوا عليه مؤخرا حوادث التسيب والانفلات الامني....! هذه كلها أرواح ضاعت في غمضة عين بسبب اهمالنا وتقاعسنا ومبدأ اللامبالاة الذي ترسخ لدينا في الآونة الأخيرة. الغريب في الامر انه مع كل حادث تنتابنا لحظات الحزن فنمصمص الشفاة حزنا وأسي علي الراحلين ثم نعود الي دورة الحياة بنفس الاهمال واللامبالاة وكأن شيئا لم يكن...وربما ينتاب الخبثاء منا شعور أن مصر كثيرة العدد ولن يضيرها فقد عدة أعداد كل حين..لكن لايعلم هؤلاء الأفاضل مدي اللوعة والاسي الذي يغلف حياة أسرة كل شهيد يبقي طيفه معها الي الأبد. في حادث أسيوط الأخير كان الالم قويا والحزن شديدا للمأساوية البالغة التي حدث بها خصوصا وأنهم أطفال صغار في عمر الزهور كانوا يتطلعون للمستقبل بأحلامهم الوردية فتحطمت تلك الاحلام بسبب قسوتنا عليهم وقلة احترامنا لآدميتهم..وليس أدل علي ذلك من أننا أقمنا أفراحا في نفس الليلة ابتهاجا بمباراة كرة قدم وسط تهليل وتراقص وتشنج الكثيرين ممن فقدوا نعمة الاحساس فطافوا الشوارع والطرقات محدثين صخبا وضجيجا لهذا الحدث التافه غافلين ان بيوتا عديدة في صعيد مصر قد أقامت في نفس التوقيت عزاء جماعيا لفلذات أكبادنا الذين ضاعوا في حدث مأساوي أوجع القلوب وأدماها...فبدلا من أن نذهب الي ذويهم نواسيهم ونشد من أزرهم أو حتي نجلس في أماكننا صامتين خاشعين احتراما لرهبة الموت التي حرمتنا من هؤلاء الشهداء الصغار نسينا بقدرة قادر ماحدث للصغار الاعزاء منذ ساعات لنتجول في الشوارع والطرقات مهللين سعداء بنتيجة مباراة كرة لا أكثر ولا أقل! ما أريد قوله هو اننا اذا اردنا الاصلاح علينا باصلاح أنفسنا أولا...(لايغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم)..علينا أن نعيد للشارع المصري روح التكافل والتراحم التي كانت سائدة منذ سنوات ليست بالبعيدة...وأن نغرس في اولادنا منذ البداية روح الانتماء التي فقدناها...هل تعلمون ان مبدأ المراعاة واحترام الآخرين كان موجودا لدي كل أفراد المجتمع المصري...مع الجار وأهل الحي أو البلدة ومصر كلها...فكان الجار لايقيم فرحا اذا كان لدي جاره حالة وفاة...واذا اضطر الي ذلك لايقدم عليه الا بعد مرور الاربعين ولابد له من استئذان جاره أولا...أما اليوم فانك تطالع مأتما وفرحا متجاورين في نفس الشارع وربما في نفس الدار..وهانحن فعلنا ذلك للاسف بغباء وجليطة وقلة ذوق مع هذا الحادث المأساوي الذي أوجع قلوبنا جميعا والذي يعد بمثابة حادث قومي أصاب كل شبر علي أرض مصر اذا بنا بعد ساعات قلائل نرقص ونتمايل لمباراة لاتضر ولاتنفع غير عابئين بدماء اولادنا التي سالت ولا بآهات أم مكلومة لفقد ولدها ولادموع حزينة لاب ضاع منه اولاده في غمضة عين...! الحفاظ علي حياة البشر علي أرض مصر ياسادة يحتاج الي جهود مضنية من خلال منظومة متكاملة تقدم عليها الدولة في كل مرافقها ومؤسساتها ملزمة جميع الكوادر صغيرها وكبيرها بتنفيذها بكل دقة وصرامة دون ابطاء مع وجود مبدأ الثواب والعقاب. علينا العمل بكل جهد لمقاومة الفساد والعفن المستشري في أوصال الدولة كالورم الخبيث ومحاربة الاهمال الذي اصبح سيد الموقف في سائر أمور حياتنا...علينا العمل علي تنشئة المواطن المصري السوي الذي يرعي الله في بلده ومجتمعه ونفسه دون التطلع أولا لذاته ومصالحه الفردية أو أموره الشخصية الزائفة...ولاشك ان هذا الامر يتطلب جهدا كبيرا فهل نقدر عليه...؟ ولايخفي علي الجميع أن الانسان هو أغلي ماتمتلكه مصر وأن الثروة البشرية لاتعادلها ثروة أخري.. دعاء بالرحمة لشهدائنا الابرار في جنة الخلد باذن الله ودعاء لذويهم بالصبر..ودعاء لمصر بأن تتعافي مما أصابها وأصابنا.