في أعقاب هزيمة يونيو عام1967 تعرض الشعب المصري لإمتحان عظيم وذلك عندما قامت القوات الإسرائيلية بمهاجمة سيناء والإشتباك مع الجيش المصري في معركة غير متكافئة معتمدة في تلك الأوقات علي الدعم العسكري الأمريكي والأوروبي وإنتهي العدوان الإسرائيلي بإحتلال سيناء وفي نفس العام قرر المصريون أن يثبتوا لأنفسهم قبل أن يثبتوا للعالم أنهم شعب لاينكسر ولا يقبل الهوان فبدأت مصر الإستعداد لحرب التحرير وإعادة بناء جيش قوي يقهر المعتدي ويعيد الاراضي المحتلة وفي ذلك الحين اتخذت مصر شعارا لها عنوانه لاصوت يعلو فوق صوت المعركة وبدأ التحرك السريع من خلال جمع الهمم وشحذ المعنويات واستنفار القوي بل وأصبح كل نشاط داخل الدولة موجها لتحقيق ذلك الهدف وانشأت الدولة مايعرف بتمويل المجهود الحربي وذلك لتوجيه كل الدعم المادي لهذا المجهود وشاركت كل فئات الشعب في ذلك العمل حتي أن كوكب الشرق أم كلثوم جابت العالم لتحيي حفلاتها الغنائية وتخصص دخلها للمجهود الحربي حتي المصريون نفسهم بدأوا في الاستغناء عن كل وسائل الترفيه فتوقف الدوري الكروي واستغنت الحكومة عن كثير من إنشطتها العادية لتحويل ميزانيات تلك الإنشطة لدعم المجهود الحربي وباتت الأولوية الأولي والقصوي هي بناء الجيش الذي سيخوض معركة مصر المصيرية فكان شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة هو المحرك لكل أنشطة الحكومة وكل المصريين. وقد كان.... وبعد ست سنوات فقط من تلك النكسة تمكنت مصر من إبهار العالم وانتفض جيشها شامخا ليعبر قناة السويس ويحقق المستحيل كما قال الخبراء العسكريون في كل أنحاء العالم, وأثبت المصريون أنهم عندما ينوون تحقيق المعجزات بأيديهم فانهم قادرون علي هذا ولعل اليوم أشبه بالبارحة فما فعلناه بالأمس قادرون بإذن الله علي فعله اليوم ولكننا اليوم أمام معركة من نوع أخر معركة أكثر خطورة لمواجهة عدو أكثر شراسة معركة بناء الإنسان المصري المسلح بعلمه وثقافته الإنسان القادر علي النهوض بمجتمعه إنسان يضع الحلول العلمية للمشاكل وهموم الوطن أنها معركة العلم والمعرفة. فالواقع يقول أن ضعف التمويل لمنظومة التعليم خلال الخمسين عاما الماضية أدي وبلا أدني شك لمعظم المشاكل التي نعاني منها الأن سواء كانت مشاكل صحية أو اجتماعية أو صناعية أو زراعية أو بيئية أو حتي سياسية نتيجة ضعف الانفاق علي التعليم ولعلي عندما أسهبت في كلامي عن الماضي قصدت أن يكون هذا الماضي نبراسا لنا ونحن نتطلع للتصدي الحقيقي لقضية التعليم من خلال وضع أفكار ورؤي جريئة لحل أحدي مشاكل التعليم الاساسي في مصر وهي مشكلة التمويل والتي تحتل ركنا اساسيا في التطوير الشامل التي يحلم بها كل المصريين أننا في حاجة أكيدة لأن نبدأ مشروعا قوميا مثل ذلك الذي فعلناه أيام حرب1967 من خلال تبني سياسة جديدة تحمل المعني نفسه وهو لاصوت يعلو فوق صوت التعليم إننا نحتاج من الدولة أن تعيد النظر في أوجه صرف الميزانية وإعادة توزيع الأولويات في الإنفاق الحكومي علي الوزارات المختلفة أننا في حاجة للقرار الجرئ في إستقطاع أجزاء من ميزانيات بعض الوزارات وإضافتها لميزانية التعليم سواء جامعي أو قبل الجامعي, إننا في حاجة لأفكار حكومية جديدة لجذب استثمارات وأموال المصريين التي يوجهونها للأفراد والشركات التي تقوم بتوظيف الأموال ثم تطير تلك الأرصدة في الهواء, أن المصريين الذين يدفعون يوميا ملايين الجنيهات في شراء الأبنية والفيلات والأراضي في العراء ويتركونها للمستقبل علي إعتبار أن ذلك نوع من الاستثمار يحتاجون لمن يوجههم لاستثمار أموالهم بصورة حقيقية غير تقليدية يمكن أن تساهم في تمويل تطور التعليم أن المصري بطبيعته يعمل دائما بجد وصبر ويعشق أن يكون موظفا يقبض راتبه كل شهر ويبحث دائما عن أيدي أمينة يسلم لها أمواله لكي تستثمرها له دون أن تأخذ مخاطرة أن يقوم بذلك بنفسه في تجارة أو غيرها هذه الحقيقة لابد أن تدركها الدولة وتستفيد من توظيف أموال المصريين العاملين بالخارج وكذلك الموجودون بالداخل ولعل قضايا توظيف الأموال وماشابها من تجاوزات دليل علي كلامي هذا, إنني أتصور لو أن جزءا من أموال المصريين التي راحت هنا وهناك داخل وخارج مصر كانت كافية تماما لاستثمارها بطرق جديدة تخدم قضية تمويل التعليم في مصر وهكذا فياسادة نستطيع أن نطرح أفكارا وأفكارا جديدة تجعله يساهم في التغلب علي تلك المشاكل وأنا واثق أن مصر غنية بأصحاب الثروات والفكر القادرين علي طرح أفكار أخري وطرق ووسائل مختلفة لجذب وتفعيل تلك الاستثمارات في ذلك المجال كما أنني علي ثقة تامة بأن إدارة الدولة المصرية قادرة بإذن الله علي اتخاذ قرارات من أجل التقدم بخطي ثابتة نحو تحقيق هذا الهدف في ظل حقيقة وواقع يقول بالفعل انه لاصوت يعلو فوق صوت التعليم.