أمس احتفلت الأممالمتحدة ب يوم الفتاة لأول مرة في محاولة من المنظمة الدولية للفت الانظار إلي أهمية رعاية البنات, وتوجيه رسالة عالمية إلي كل المجتمعات الذكورية أن تراجع مواقفها وتعيد النظر في سياستها تجاه الفتيات بعد أن تصاعدت معدلات التمييز ضد المرأة. ومصر واحدة من الدول المتهمة بالتمييز في الكثير من المجالات ولعل مراجعة لوقائع واحداث التحرش التي تتعرض لها الفتيات في الآونة الأخيرة يؤكد خطورة الظاهرة التي تحتاج مواجهة أكثر حسما واشد عقابا, ومكمن الخطورة أن هذه الظاهرة لم تعد تقتصر علي المدن بل امتدت إلي القري التي كانت مثلا يحتذي في التمسك بالقيم والاخلاق بل إن الأمر لم يقف عند هذا الحد بعد أصبح يهدد السياحة في ضوء تزايد حالات التحرش التي يتعرض لها السائحون مما دفع وزير السياحة قبل أيام إلي التحذير من خطورة هذه الظاهرة علي سمعة مصر في الخارج, وأشار إلي أن المتحرشين أصبحوا من الجرأة التي تجعلهم يلاحقون السائحات في الفنادق. وللأسف فإن المسئولين مازالوا يتعاملون مع حوادث التحرش بلا مبالاة ودون رادع برغم أن الدول الغربية التي تعد أكثر تحررا تعتبر التحرش جريمة يعاقب عليها بالسجن والغرامة, بل ذهبت دول أخري مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية إلي ما هو أشد بتدوين قضايا التحرش في صحيفة الحالة الجنائية لمرتكب هذه الجريمة حتي يستمر عقابه من المجتمع, ويصبح إنسانا منبوذا. بينما لجأت إيران لحيلة أخري لفضح المتحرشين من خلال الاتفاق مع ممثلات ينزلن إلي الشارع تحت رقابة الكاميرات ثم يتم تصوير المتحرش ونشر صوره وخلال شهر نجحت في القضاء علي الظاهرة. ويقينا ان قضايا الفتيات تتجاوز ظاهرة التحرش إلي إهدار حقوقهن في التعليم والرعاية الشاملة فمازالت البنات في الريف لم يأخذن حظهن من التعليم والثقافة نتيجة موروثات اجتماعية آن لها أن تزول ومن المفارقات أن يأتي احتفال العالم بيوم الفتيات في الوقت الذي يحاول فيه بعض صناع الدستور الجديد دهس حقوق المرأة وإعادتها إلي عصور الجهل والظلام بدلا من البحث عن وسائل حمايتها وضمان حقوقها, فالمجتمعات المتحضرة هي التي تعلي من قيمة الإنسان, وترفع من شأن الاخلاق والقيم, ولا تترك شبابها يتحرش ببناتها في الشوارع والأزقة والمدن والقري والمدارس والجامعات والأسواق والمتنزهات, هكذا في مصر جريمة مكتملة الاركان ولا رادع لها.