مراجعة العلاقة مع أمريكا أمر معقد للغاية. فهي لا ترتبط فحسب بالأوضاع الداخلية المصرية إنما بالأوضاع الإقليمية أيضا. وأهم ما في الأوضاع الإقليمية في هذا الشأن علاقتنا مع إسرائيل وعلاقتنا مع دول الخليج. فإسرائيل ودول الخليج أمران يمثلان أولوية قصوي لأمريكا في الشرق الأوسط: إسرائيل هي حليف أمريكا الاستراتيجي الأول في المنطقة. ودول الخليج منها يأتي أغلب موارد سوق الطاقة العالمية. ومعني ذلك أن مراجعة للعلاقة مع أمريكا تترك أثرا تعتبره واشنطن سلبيا علي أي من هذين الشأنين ستلقي مقاومة أمريكية. ونظرة إلي صراع الغرب مع إيران تفسر الأمر خير تفسير. فالخوف من أن تصبح إيران متقدمة تكنولوجيا هو ما يثير اتهامات الغرب لها بأنها تريد إنتاج أسلحة نووية. ومعني ذلك أنه سيكون مطلوبا من مصر أن تحدد هدف مراجعة العلاقة مع أمريكا, وأن تعلن عن الهدف بكل وضوح ليتسني أن تتم المراجعة من خلال مناقشة لا من خلال مواجهة. فكل مواجهة لها خسائرها. وقد وصلت مصر إلي مرحلة لا تتحمل فيها خسارة. وأحسب أن هدف مراجعة العلاقة مع واشنطن يجب أن يكون تحرير الإرادة المصرية فيما يتعلق بالقضايا الداخلية. وقد يقول قائل إن قرار مصر الداخلي حر لكني أقول إن ذلك غير صحيح. فالقرارات الداخلية التي من شأنها أن تصبح بلادنا قوية سيكون عليها اعتراض سيكون غير مباشر غالبا. لكن لم يعد مقبولا أن تبقي مصر غارقة في بحر من الفقر لمجرد وجود مخاوف من أن تتسبب في ضرر لإسرائيل أو للنفوذ الأمريكي في الخليج إذا صارت دولة قوية. وقد أثبتت ثورة25 يناير استحالة أن تبقي مصر علي ما كانت عليه قبلها لمجرد الحفاظ علي مصالح الآخرين. والحديث موصول.