في28 سبتمبر1970 وفي تمام الساعة السادسة والربع بتوقيت القاهرة كان الزعيم جمال عبد الناصر علي موعد مع النهاية.. النهاية التي لم يصدقها الشعب المصري إلا بعد أن أعلن السادات بصوت مليء بالحزن والأسي قائلا: فقدت الجمهورية العربية المتحدة, وفقدت الأمة العربية, وفقدت الإنسانية كلها, رجلا من أغلي الرجال, واخلص الرجال, وهو الرئيس جمال عبد الناصر, الذي جاد بأنفاسه الأخيرة في الساعة السادسة والربع من مساء اليوم27 رجب1390 ه, الموافق28 سبتمبر1970, بينما هو واقف في ساحة النضال يكافح من أجل وحدة الأمة العربية. وكان في خلفية صوت الرئيس الراحل السادات صوت نحيب وبكاء من كانوا في الاستوديو وقت تسجيل البيان. يتفق من يتفق ويختلف من يختلف علي شخصية جمال عبد الناصر ولكن لا أحد يمكن ان يقول إنه كان رجلا بلا هدف ويري البعض خطأ في تطبيق أهدافه وأحلامه ولكن ليس معني ذلك أنه لم يكن وطنيا مخلصا محبا لبلاده ولايمكن ان نهضم حق كل من خرج في جنازته لا للتصوير أو للفرجة علي الجنازة إنما حبا في هذا الرجل. فجنازته شهدت خروجا جماعيا منقطع النظير لم يتكرر حتي يومنا هذا. في تمام الساعة العاشرة تظهر فوق قصر القبة طائرة هليكوبتر تحرسها طائرتان آخريان ترتفع الانظار إلي عنان السماء والكل يعرف أنها بمثابة النعش الطائر الذي سيتولي نقل الجثمان. وعملية نقل الجثمان تم الأعداد لها ببروفة قبل الدفن بيوم واحد حيث انتقلت الطائرة الهليكوبتر من قصر القبة إلي نادي الجزيرة وقد كان اقرب مكان إلي مجلس قيادة الثورة وقتئذ ثم عمل بروفة ثابتة حيث حلقت الطائرة مرة أخري صبيحة يوم تشييع الجنازة. وكانت عملية الصعود والهبوط في غاية الصعوبة لوجود أسلاك الكهرباء والتليفون الممتدة والأشجار وعند وصول الطائرة إلي قصر القبة كان المكان المحدد لها هو حديقة القصر. داخل الطائرة: رافق جثمان عبد الناصر حسين الشافعي ووزير الصحة واللواء سعد الدين الشريف ونور فرغل واللواء الليثي وأربعة رجال من الحرس الجمهوري. داخل الطائرة قرأ الجميع الفاتحة وبدأت الطائرة تتحرك بالزعيم إلي مثواه الأخير. استغرقت عملية نقل الجثمان عشر دقائق وكان من مستقبلي الجثمان أبناء عبد الناصر والفريق أحمد فوزي ومجموعة من الضباط والعسكريين وتبادلوا حمل النعش إلي حيث ووري الثري.