استيقظ محمد من نومه مبكرا يحاول أن يستنشق نسمات الصباح الباكر والتي اتته خريفية باردة استرخت أطرافه لها وبدأت تزول عنه قطرات ندية من العرق الذي تصبب علي جبهته من كابوس أفزعه. كان محمد مذهولا من بقايا مشاهد كابوس فظيع كتم أنفاسه لليلة كاملة باتها وهو يتقلب في فراشه حيث شعر أنه يقود سيارة بسرعة جنونية علي طريق سريع في منتصف الليل وفجأة سقط في حفرة عميقة ما لها من قرار. قام محمد يمشي كالمشلول بالكاد تحمله قدماه كعادته كل صباح ثم ارتدي ملابسه علي عجالة ونزل من شقته مهرولا إلي شركة بيع التوك توك لتحقيق حلم كان بعيد المنال ثابر هو وأسرته من أجل تجميع مبلغ أول قسط لشرائه بعد اشتراك الأسرة باكملها في جمعيات كانت حصيلتها ضئيلة بالكاد تكفي لسداد أول قسط بالإضافة إلي مبلغ آخر كان محمد قد حصل علي وعد من خاله بإعطائه له ولذلك مر عليه في طريقه إلي معرض التوك توك. كانت فرحة الشاب محمد بالتوك توك لا توصف واهتم بلصق الصور عليه وتعليق الاكسسوارات علي جوانبه وحرص علي تلميعه مما لحق به من أتربة أثناء عرضه قبل شرائه وشعر في أول يوم يقوده أنه يطير في الهواء وأن احلامه تقترب كلما زاد من سرعته. تولت الشهور وبدأت الأموال تجري بين يديه وشعر وكأن الدنيا فتحت أبوابها له علي مصراعيها بكل الخيرات وما يتمناه منها ود لو تستمر الحالة علي ما هي عليه لكي تستقر أحواله ويتمم فرحته بالزواج. ورغم كل ماحققه محمد إلا إنه ليس كل مايتمناه المرء يدركه.. ففي إحدي الليالي كان الشاب عائدا إلي منزله بعد نصف يوم وليلة قضاهما في الشوارع والطرقات بحثا عن لقمة العيش لقيه أربعة لصوص وإستقلوا معه التوك توك وطلبوا توصيلهم ولكنهم غدروا به وذبحوه وسرقوا حلم حياته ولاذوا بالفرار. كانت مفاجأة غير سارة للأسرة والأهل والجيران أن تأتي الأخبار من قسم شرطة الخليفة بالعثور علي جثة ابنهم مذبوحة وبها عدة طعنات وملقاة وسط المقابر بمنطقة التونسي حيث اصيب الجميع بصدمة عصبية افقدتهم توازنهم فصرخت النساء وتشنج الاطفال وبكي الرجال بدموع حارقة. وبعد لقاء الأسرة بالمقدم تامر جاد رئيس مباحث الخليفة وعدهم بأنه لن يغمض له جفن حتي يلقي القبض علي الجناة وهو مابدأه بإخطار اللواء سيد شفيق مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة الذي أمر بتشكيل فريق بحث أشرف عليه العميد هشام لطفي رئيس مباحث القطاع حيث تبين له أن وراء إرتكاب الواقعة غريب22 سنة عاطل وأحمد20 سنة عاطل وهيثم28 سنة عاطل وسبق اتهامة في قضية مخدرات تمكنت المباحث من ضبطهم ما عدا الأخير وبمواجهتهم أمام اللواء عصام سعد مدير المباحث الجنائية اعترفوا بإرتكاب الواقعة حيث أقر الأول بقيامهم بإصطحاب المجني عليه من شارع البساتين بحجة توصيلهم لحضور حفل زفاف بمنطقة الإمام الشافعي وتسامروا معه أثناء سيرهم بإعطائه سيجارة يدخنها والحديث عن الأفراح وما يحدث فيها من رقص ولهو وحين اقترابهم من منطقة مقابر التونسي قاموا بتنفيذ مخططهم بتهديده بأسلحة بيضاء وإجباره علي تخليه عن التوك توك الا انه قاومهم حيث لم يتمالك نفسه امام لصوص أرادوا إعدام حلمه في الدنيا فدافع بكل ما يملك من قوة وباستماتة منقطعة النظير عن أمواله. وأثناء التشابك بالأيدي جاءت كلمات سمعها ولم يستوعب جيدا معناها وهي من مات دون ماله فهو شهيد فحمي وطيس المعركة وانهال علي احدهم ضربا فقام الباقون بتخليصه منه وحاولوا خنقه بحزام البنطال الذي يرتديه وقام الأخير بالتعدي عليه بمطواة وسدد له عدة طعنات أصابته في مقتل وأودت بحياته ليسقط غارقا في دمائه متأوها متحشرج الصوت بعد أن حاول الاستغاثة بالمارة ولكن لم يسمع صوته أحد وبعد لحظات حل السكون المكان وخيمت الوحشة علي المنطقة وقام اللصوص الأربعة بالتسلل في عتمة الليل بالاستيلاء علي التوك توك وفروا هاربين تاركين جثة الفتي في العراء ولم يكلفوا أنفسهم إخفاءها أو حتي إلقاءها في اي مقبرة من المقابر. وفي التحقيقات كانت عدالة السماء حاضرة ضاربة علي أيدي هؤلاء اللصوص فقد ثقلت أوزارهم القانونية بعد اعترافهم بسابقة قيامهم بسرقة توك توك مواطن يدعي عبدالله18 سنة سائق ومقيم بالبساتين تحت تهديد السلاح في المكان نفسه وبذات الطريقة. وتم بإرشادهم ضبط الأسلحة المستخدمة في ارتكاب الواقعة وهي4 مطاوي بمسكن المتهم الثاني وكذلك تم ضبط مركبتي توك توك لدي عميلهم العربجي والذي باستدعائه أقر بالواقعتين وباستدعاء المجني عليه الأخير تعرف علي التوك توك ملكه والمتهمين واتهمهم بالسرقة رسميا ليكبلوا في الاغلال منكسي الرءوس داخل زنزانة حجز القسم لحين ترحيلهم إلي محبسهم عقب تحقيقات النيابة غير مأسوف عليهم.