السمو بالأخلاق يحتاج منا جميعا إلي تكاتف كبير في كل مكان في المنزل والمدرسة والمجتمع كله, لذلك لابد أن نتعاون جميعا من أجل غرس الأخلاق النبيلة التي تحكم المجتمع بأسره. يقول الشيخ عبد الحميد الاطرش رئيس لجنة الفتوي سابقا إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هموا ذهبت أخلاقهم ذهبوا, ومن المفروض علي المسلم الحقيقي أن يتخلق بالأخلاق الحسنة, قال صلي الله عليه وسلم: أقربكم مني منازل يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا الموطأون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون و النبي صلي الله عليه وسلم أدبه ربه وأحسن تأديبه ووصفه بأحب الأوصاف فقال تعالي وإنك لعلي خلق عظيم, وأكد الله هذه الآية بمؤكدين الأول هو إن والثاني هو اللام وحينما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلي الله عليه وسلم قالت كان خلقه القرآن, كان قرآنا يمشي علي الأرض يأتمر بأوامر القرآن وينتهي بنواهي القرآن, والمسلم الحقيقي لابد أن يتخلق بأخلاق النبي صلي الله عليه وسلم ولايرد علي الاساءة بمثلها وإنما يعفوا ويصفح ولقد جاء أعرابي إلي النبي صلي الله عليه وسلم وجذبه من بردة علي كتفه صلي الله عليه وسلم أثرت في عنقه الشريف وقال له: يا محمد أعطني من المال الذي بين يديك فإنه ليس مالك ولا مال أبيك من أخلاق العرب وجفوتهم فتبسم النبي صلي الله عليه وسلم وقال له يا أخا العرب حقا المال الذي بين يدي ليس مالي ولا مال أبي وإنما هو مال الله ولكن يجب علي قبل أن أعطيك من هذا المال أن أقتص منك فقال الاعرابي لاورب محمد فقال ولم؟ قال لأنني أعرف أنك لا تقابل السيئة بالسيئة, وإنما تقابل السيئة بالحسنة فتبسم النبي صلي الله عليه وسلم وقال أعطوه من مال الله ما شاء. ويؤكد الدكتور محمد أبو ليلة استاذ الشريعة جامعة الازهر, أنه من الواجب الاهتمام بالاسرة لأن الاسرة هي التي تغرس في نفوس أبناءها الفضيلة أو الرذيلة, وينبغي الاهتمام بها اهتماما بالغا بل والاهتمام بالأم بالذات لأن النهوض بالأم نهوض بالمجتمع كله لأن الولد يتربي في أحضان أمه فيرضع منها الامانة والخيانة والصدق والكذب والشجاعة والجبن بمعني أنه يرضع من أمه الفضائل كلها والرذائل كلها, فإذا كانت الأم علي خلق فإنها تنجب إلي المجتمع رجالا اسوياء أقوياء ويعلم الأب أن العمل عبادة ويتقي الله في كل ما يطعم أولاده ويتجنب الحرام ولا يطعم أولاده ولا يأكله هو بنفسه, وينبغي النهوض بوسائل الاعلام التي غزت البيوت, فالإعلام يستطيع أن يقبح الحسن ويحسن القبيح, فينبغي أن يراقب الاعلام مراقبة تامة ولا ينشر رذيلة من الرذائل التي تنتشر عليه الأن فإن الأطفال يتعهدون هذه الرزائل ويحفظونها عن ظهر قلب ويحاولون أن يطبقوها عمليا وفي الوقت نفسه ينبغي أن يكون الحاكم علي خلق ودين لا, وقيل لعمر بن الخطاب لو ركعت لركعوا فالحاكم إن كان متقيا لله عز وجل استطاع ان يقود الأمه إلي الخير وإن كان غير ذلك قاد الامة إلي الهلاك والفساد.