الإسلام السياسي قد يبدو من الظواهر المعاصرة بينما يمكن تتبع جذور الحركات الاسلامية بالعودة إلي أكثر من قرن مضي, وحتي ممارسة الاسلاميين للسياسة تغيرت وتأثرت بعمليات التحديث والعولمة التي ساهمت في أخذهم إلي اتجاهات جديدة. كتاب( ماذا حدث للاسلاميين؟) للمؤلف أوليفيه روي والذي جاء في224 صفحة يتتبع الاسلاميين الحاليين والسابقين لتحديد ما أصبح عليه الاسلام السياسي اليوم. يقول المؤلف ان الاحداث الاخيرة في الشرق الاوسط تقدم اجابة للسؤال الذي طرحه عنوان الكتاب وتكشف عن تحول جذري للاسلاميين خلال العقدين الماضيين. الكتاب يقدم مجموعة من المقالات للعديد من الشباب والعلماء والتي تكشف عن اندماج غير متوقع للاسلاميين في المجتمع إلي جانب حداثة النشاط الاسلامي المعاصر والكثير منها لا يري ان هدف الاسلاميين هو الاستيلاء علي السلطة في الدول العربية في أعقاب الثورات العربية. يقول المؤلف ان الاسلام السياسي كسياسة وثقافة ودين ظهر في الثلاثينيات وأحدث انطلاقة في أواخر السبعينيات والثمانينات مع نجاح الثورة الايرانية وحركة المجاهدين الافغان وظهور حزب الله في لبنان وحماس في فلسطين وجبهة الانقاذ في الجزائر, ومنذ التسعينيات يؤكد المحللون علي تحول الحركات الاسلامية إلي ما يعرف باسم الديمقراطية الاسلامية التي تؤيد اجراء الانتخابات الحرة. بينما يراها الرأي العام الغربي جزءا من الفاشية والنازية ومازالوا يربطون بين الاسلام والارهاب أو بين الاسلام وكل ما هو متشدد مثل حركة القاعدة وطالبان, ويقول المؤلف ان الغرب لم يلحظ ما حدث من تحول جذري للاسلاميين والفاعلين الاساسيين في الحركات الاسلامية إلي جانب المجتمعات المدنية الاسلامية في ممارسة ما يعرف بالاسلام السياسي. ويؤكد المؤلف ان فوز الاسلاميين في العديد من الانتخابات في شمال افريقيا والشرق الاوسط عقب الثورات العربية يوضح لنا كيف يمكن للاسلام السياسي ان يأخذ اشكالا مختلفة وتحدث به تحولات جذرية عند الممارسة الفعلية. ويري المؤلف ان انتخابات الاسلاميين في مصر وتونس كانت بدافع اتباع سياسات اخلاقية تكافح الفساد وتطبق العدالة الاجتماعية. الكتاب جدير بالقراءة لكل الذين يريدون فهم تأثير الانتفاضات العربية علي الاسلاميين إلي جانب دور الاسلاميين خلال الفترة التاريخية الحالية من التحول السياسي في العالم العربي.