تفاقمت أزمة القمامة حتي بلغت ذروتها, الامر الذي جعلها أحد أهم أولويات الرئيس نظرا لما تمثله من أهمية قصوي لدي كل من المسئول والمواطن بعد أن تسرب لدينا احساس بأنها أزمة بلا حل, لذلك يكون من المهم طرح رؤية جديدة لعلاج هذه الازمة من خلال عدد من المحاور. أولا: غياب النظام العلمي لادارة المخلفات الصلبة. لقد اتفق العلماء علي العناصر التالية كشروط لازمة لنجاح ادارة المخلفات. 1 الفرز من المنبع( من المنزل أو المتجر والمصنع). أي بدلا من كيس واحد من السكن يتم جمع كيسين أو ثلاثة( هكذا يتم تخفيض تكلفة الجمع والنقل إلي النصف أو الثلث, لان المصانع تتسلم الزجاج والورق والاخشاب والمعادن وغيرها من المنزل مباشرة عن طريق مقاولي جمع تابعين لهذه المصانع) وبالتالي لاتتحمل البلدية تكلفة جمعها ونقلها. 2 الجمع والنقل إلي اقرب موقع: لايزيد علي5 كم طولا ويحتاج هذا لمعدات تتناسب مع حجم الشوارع والحواري والازقة بدءا من التوك توك مرورا بالتروسيكل, ثم السيارة1/2 طن وحتي ال4 أطنان. 3 المحطات الوسيطة( محطات المناولة): وأقصي تقدير للمساحة لمحطة المناولة علي بعد5 كم. والمحطة الوسيطة علي بعد10 كم حتي يمكن للسيارات العودة سريعا لنقل باقي المخلفات. 4 مجمعات التدوير الصناع لتحويل القمامة الي منتجات أخري مثل الورق, الغراء, الاخشاب, المعادن, الكرتون, والبلاستيك, وللأسف فان آخر تصنيف عالمي افاد بأن التدوير في مصر يتعامل مع2.5% من المخلفات مقابل85% في ايطاليا. 5 المدافن الصحية( وهي تصلح في أوروبا): وتتكلف تكلفة باهظة وهي لازمة للبلاد المطيرة, ولكن رأيي الشخصي أن نقل المخلفات وفردها في طبقة لاتزيد علي1/2 متر فقط في الصحراء بعيد عن مواطن المياه الجوفية, يحولها إلي مادة الدوبال اللازمة للزراعة, ولكن ذلك في عمق50 كم من الصحراء بعيدا عن اي أنشطة سكانية أو زراعية. وهكذا مصر تدير النظافة ب1/4 نظام علمي نعم فاننا ندير النظافة في مصر ب1/4 النظام العلمي المتفق عليه, فلدينا فقط الجمع من المنزل ثم المقلب العشوائي حيث تغيب4 عناصر رئيسية عن منظومة النظافة في مصر. فلايوجد فرز من المنبع, ولاتوجد محطات وسيطة ولاتوجد مجمعات تدوير صناعية ولاتوجد مدافن صحية. ثانيا: غياب الكوادر البشرية: لايوجد معهد عال في مصر لتخريج فني ادارة مخلفات صلبة ولايوجد قسم متخصص في كليات الهندسة, وكليات العلوم, والزراعة( الكيمياء الحيوية) ولايوجد حتي مركز تدريب محترم في مصر يتولي تدريب الكوادر قبل الحاقها بالعمل في هذا المجال. ثالثا: الحكومة تراقب والشركات الوطنية تنفذ الجمع والنقل: لاتوجد شركات وطنية علي مستوي محترم لادارة هذه المنظومة, ولعل أهم التجارب هي تجربة المقاولون العرب في الاسكندرية واعتقد أنها تحتاج لبعض الدعم وبعض الوقت لتحقق نجاحا مبهرا والان جاء الدور علي كل شركات المقاولات والمعدات الثقيلة في مصر. ولابد من( انشاء الشركة القابضة للنقل والجمع للمخلفات) علي مستوي الجمهورية تتبعها شركات في كل محافظة من المحافظات بديلا للادارات الحكومية الحالية وتقوم المحافظات فقط بدور المراقب لتنفيذ العقد ويتم الاعتماد علي شركات المقاولات والمعدات. رابعا: الشركة المصرية لتدوير المخلفات: بدأت حكومة الجنزوري بالفعل في تكوين هذه الشركة بين كل من صندوق حماية البيئة, شركة التنمية الزراعية, وبنك التنمية والائتمان الزراعي, وهيئة الاوقاف المصرية, ويقترح مساهمة باقي البنوك ويتولي الشركة تمويل مشروعات تدوير المخلفات الصلبة. خامسا: التمويل: اضافة تعريفة علي كل عبوة تدخل السوق سواء عبوات بلاستيك أو ورق أو معدن( حسب تأثيرها) تسمي تعريفة التخلص من العبوات تحصل من المصنع نفسه قبل أن تتحول إلي أكوام قمامة. التحصيل الفوري لغرامة القاء المخلفات علي كل مستثمر أو مصنع أو منشأة أو فرد يسمح بوجود قمامة بجوار منشأته أو يضبط وهو يلقيها. تحصيل رسوم نشاط منتج للمخالفات علي كل الباعة الجائلين وعربات الكارو وسيارات النقل ونصف النقل والاسواق والسويقات بغض النظر عن وجود ترخيص من عدمه( اللجوء للترخيص يحرم مصر من40% من دخل الرسوم). سادسا: اشتراك المجتمع المحلي: فان لجميعات المجتمع المحلي( خاصة في القري والمناطق الشعبية) دور مهم في عمليات النظافة علي أن تكلف بمناطق محددة وبعقد رسمي يمكن المحاسبة عليه ولايترك حسب الاهواء. سابعا: الوعي البيئي: كل الجامعات والكليات والمدارس مطالبة باعادة حصة النظافة لكل صفوف التعليم وتتولي كل وسائل الاعلام الحكومية والخاصة التبرع بانتاج تنويهات وبثها علي مدار الساعة في ذروة المشاهدة. ثامنا: التطبيق الصارم للقانون: علي الجميع( علي راكب المرسيدس والتوك توك) وعلي قاطني الزمالك وقاطني القري وهو الخط المؤثر في الزام المواطنين بذلك( تجربة سنغافورة, محافظة قنا مصر, اسبانيا). تاسعا: تطبيق عدة نماذج ادارية في مجموعة من المحافظات ودراستها: يختلف النظام الاداري للمخلفات حسب طبيعة السكان ونشاط كل محافظة ومن الخطأ تطبيق نظام واحد في كل المحافظات ويمكن تطبيق4 5 نماذج لمدة عام ثم اختيار الانسب للتعميم في مجموعة محافظات( الدلتا الصعيد القناة وغيرها). عاشرا: توليد الطاقة من المخلفات: رغم ان هذا المجال مازال يواجه بعض العقبات في مصر, فإنه يمكن تحويل القمامة إلي مصدر مالي دولي اذا تم الاتفاق مع شركات دولية لتوليد الكهرباء من القمامة وتصديرها عبر الشبكة الاقليمية للكهرباء.