تطرح زيارة وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا للقاهرة أمس, ومن قبلها بقليل زيارة وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون, علامة استفهام حول مسار ومال العلاقات المصرية الامريكية لاسيما بعد ثورة25 يناير. والشاهد ان شأن تلك العلاقة الثنائية مثير للجدل والتفسير وربما التاويل, فهي تتحول وتتبدل وتسخن وتفتر, غير أنها لاتنقطع أبدا, مصالح متصلة علي الدوام, مابين معرفة وإدراك أمريكيين بأهمية مصر الموقع والموضع الجيواستراتيجي في المنطقة, بجانب الثقل التاريخي والحضاري, مهما كان شأن الاحوال الاقتصادية المتردية للمصريين, وبين رؤية مصرية للولايات المتحدةالامريكية بوصفها شاغل العالم وقائدته, امبراطوريا علي الاقل, وبيدها كثير من مفاتيح الملفات المغلقة, وكلمة منها حاسمة للمؤسسات الدولية تستطيع تغيير الاوضاع وتبديل الطباع. والشاهد انه اذا كان حال تلك العلاقات قد مر منذ ثورة1952 بمنحنيات كثيرة, إلا ان العام ونصف عام الماضيين قد شهدا ولايزالا تحولات أكثر دهشة في العلاقات بين واشنطن والقاهرة, وبات تحديد أول أطراف القضية وأخرها غير واضح المعالم, فقد شابت الضبابية مواقف واشنطن تجاه ثورة25 يناير في بداياتها ثم التصريحات المتضاربة, طوال ثمانية عشر يوم, أيام الثورة, ولاحقا لم يعد احد قادر بدقة علي تمييز من تدعم واشنطن في مصر, ولماذا وماذا تريد, وماهو مستقبل تلك العلاقة في ظل عدم القدرة علي تحديد معالم واضحة الطريق؟ وسط هذه الاسئلة العميقة والمركبة ربما يعن لنا ان نتساءل مخلصين التساؤل والبحث عن الاجابة: هل للامريكيين رؤية واحدة تجاه مصر الآن؟ بداية نذكر بان المواقف الامريكية تجاه الثورة المصرية قد مضت في الثمانية عشر يوما الاولي في اتجاهين متضاربين, الاول مضي نحو دعم حكم مبارك, ولو مرحليا لحين تحقيق الوعود الاصلاحية وانتخاب حكومة ورئيس جديد, وهو اتجاه كان يتزعمه البنتاجون بالتوافق مع الاستخبارات المركزية الامريكية, وكانت الضغوطات الاسرائيلية لها تأثير واضح في هذا الاطار, وبخاصة مع مخاوف تل أبيب من قيام نظام اسلامي في مصر عدو أو غير صديق مثل نظام مبارك. فيما الجناح الآخر الذي كان داعم للثورة ومطالبا بتغيير سريع تمثل في بعض أجنحة الادارة الامريكية وخاصة في الخارجية والبيت الابيض. ومع التسلل الطبيعي للأحداث بدا وان الجميع قد سلم بما جري, لكن واقع الحال حتي الآن يؤشر إلي ان الاختلافات تجاه مصر, والتصرف حيال الحكومة القائمة فيها لايزال قائما علي قدم وساق, فهناك جناح شاب في مجلس الامن القومي يود اعطاء الفرصة للاسلاميين الجدد والحكم عليهم من خلال التجربة والحكم, في حين يبقي الجناح العتيق في وزارة الخارجية الامريكية علي افتراضاته القديمة التي ينظر من خلالها نظرة توجس وقلق للاخوان المسلمين وللحكومة الجديدة. ماذا عن اوباما الرئيس الامريكي رأس السلطة التنفيذية في ظل هذا التطاحن؟ الذين يعرفون الاجواء السياسية في العاصمة الامريكيةواشنطن في الاشهر أو حتي العام الذي تجري فيه الانتخابات الرئاسية, يدركون تمام الادراك ان الرئيس يكاد ان يضحي عاجزا عن الاتيان بأي فعل يثير ردات أفعال غير محسوبة, يمكن ان تؤثر علي فرصة اعادة انتخابه من جديد كرئيس للبلاد للمرة الثانية, وعلي هذا فغالبا ما سنري أوباما متواريا خلف وزارة خارجيته, أو مبعوثيه, كما في حال بانيتا وهيلاري, وبدون تصريحات قاطعة أو أستقبالات خاصة للرئيس مرسي في البيت الابيض, وربما أقصي مايمكن حدوثه هو لقاء عابر بروتوكولي علي هامش مشاركة رؤساء العالم في أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة في سبتمبر القادم. ماذا يعني ما تقدم؟ يعني ان هناك حالة من عدم اليقين تغلف الاجواء الامريكية ازاء السياسات التي سوف يتبعها الرئيس مرسي.. هل من خلاصة اذن؟