استغل الرئيس اللفلسطيني محمود عباس منبر مؤتمر القدس الأول الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة في يوم25 فبراير2012, ودعا العالم العربي بالتوجه الي القدسالمحتلة والصلاة فيها, معتبرا ذلك شكلا من أشكال النضال لإخراج سكان المدينة المقدسة من العزلة وتعزيز صمودهم, وتسهم في حماية وترسيخ هوية المدينة وتاريخها وتراثها المستهدف بالاستئصال من جانب اليهود. وذكرت الدراسة الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات أن رئيس السلطة الفلسطينية استشهد بعدد من الأحاديث الشريفة التي تحض علي زيارة المسجد الأقصي وشد الرحال إليه, مشيرا الي أن مدينة القدس كانت تحت حكم الرومان حين قال الرسول صلي الله عليه وسلم:لاتشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد, المسجد الحرام, ومسجدي هذا والمسجد الأقصي وأن أحدا من فقهاء المسلمين لم يحرم زيارة القدس حين كانت تحت حكم الصليبيين. وقد تلا الخطاب زيارات عديدة قام بها مسئولون أردنيون, إضافة الي مفتي الجمهورية د. علي جمعة, والحبيب الجفري أحد مشايخ الصوفية في اليمن. لقد أثارت دعوة عباس نقاشا عربيا وفلسطينيا مستجدا في شأن شرعية زيارة الفلسطينيين في مدينة القدس وجدواها وهم تحت الاحتلال الإسرائيلي, فقد أيد المشايخ الموظفون لدي السلطة الفلسطينية الدعوة, ومنهم وزير الأوقاف الفلسطيني محمود الهباش, ورئيس المحكمة العليا الشرعية يوسف ادعيس,بينما عارضتها أغلبية القوي السياسية الفلسطينية والعربية, ورأت فيها إمعانا في التطبيع, إضافة الي فتاوي رجال دين عرب وفلسطينيين ذهبت في الاتجاه نفسه. ولاشك في أن تصدي رجال الدين للمسألة سببه لجوء الرئيس الفلسطيني الي الدين لتسويغ الدعوة فالاستعانة بالشعارات الدينية لابد أن تقابل بفتاوي وشعارات دينية مضادة. تتطرق هذه الورقة الي السياق التاريخي الذي أنتج موقفا عربيا ضد التطبيع مع إسرائيل, محاولة تحديد معناه. وفي ضوء ذلك, تحاول فحص مضمون دعوة الرئيس الفلسطيني الي زيارة القدس وحجج اعتبارها نضالا يسهم في تعزيز صمود الفلسطينيين. كما تدقق أيضا في المسموح والممنوع من التدفق العربي الي الأرض المحتلة الذي يحدده الاحتلال, وشبهة التطبيع وتداعياته علي القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل في ضوء تجارب عربية نهجت خط السلام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وتري الدراسة إن دعوة عباس غير واقعية لأن من يريد زيارة القدس عليه أن يمر أولا علي اسرائيل ومن ثم فهي تمنع من تشاء وتسمح لمن تشاء بالزيارة لانها في الواقع لها السيادة الفعلية علي القدس كما تمنع المقدسيين الذين خرجوا منها من زيارة أهلهم وذويهم بالقدس, علاوة علي منع سكان غزة والضفة الغربية من زيارة المدينة المقدسة.وحذرت الصحيفة من هدف اسرائيل لتحويل المدينة الي قبلة للسياحة الدينية مما يدر لها عائدات اقتصادية مجزية تستخدم في النهاية ضد الشعب الفلسطيني الاعزل. زيادة الزيارات العربية يفتح المجال لاسرائيل للتطبيع مع الدول العربية التي لم تطبع معها حتي الان ومن ثم إعطاء شرعية للاحتلال الاسرائيلي والتعامل معه كأمر واقع, الي جانب دعم العلاقات مع إسرائيل في مجالات السياحة والاقتصاد. وذكرت الدراسة انها تلتمس العذر لعباس لدعوته لزيارة القدس بعدما فشلت العديد من المحاولات لدفع عملية السلام محذرة من ان دعوته تدعم الاحتلال الاسرائيلي ولاتقدم أي حلول للقضية الفلسطينية والمدينة المقدسة.