علينا أن نرصد بكثير من الاهتمام مايجري بين السلطتين التشريعية والقضائية مع ضرورة الإشارة والإشادة في الوقت ذاته بتغليب العقل والارتفاع فوق الانفعالات. حتي تمر العاصفة بسلام ويطمئن الجميع إلي سلامة العلاقة بين الطرفين. ولكن ماحدث يثير بلاشك القضية الأهم التي ينبغي أن تأخذ طريقها إلي صدارة الاهتمام الرسمي والشعبي خلال المرحلة المقبلة ونعني هنا التوازن بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية وهو التوازن الذي يطلق طاقات المجتمع بصورة آمنة وكامنة بعدما تتحدد المسارات دون خشية صدام أو تداخل من أي نوع كان, وتزداد الأهمية لما نقول, إذا أدركنا حجم البناء المنشود الذي ينتظر مصر بعد انتهاء المرحلة الانتقالية والبدء في تشييد الدولة المدنية الحديثة القائمة علي الشفافية والممارسة الديمقراطية, والتداول السلمي للسلطة. وإذا كانت الثقة كبيرة في أن تعبر السلطة القضائية حالة الغضب التي تشعر بها نتيجة الانتقادات الموجهة إليها علي خلفية أحكام قضية مبارك خاصة بعد أن أكد نواب الشعب تقديرهم الكامل لقضاة مصر, وحرصهم علي أن تظل السلطة القضائية واحدة من الأعمدة الرئيسية للدولة, ولسنا في حاجة الي شرح تفصيلي علي المكانة الكبري لقضاة مصر ودورهم الوطني المشهود عبر تاريخ حافل يجعل من أرض الكنانة نموذجا يحتذي في تطبيق العدالة. وليس خافيا أن بعض الدعوات والانتقادات التي وجهت للقضاء المصري في الأيام الأخيرة لم يخل من أغراض سياسية يصعب القبول بها وإن كان هذا لاينتقص من الغضب المشروع نتيجة تلك الأحكام وأن يكون العلاج الوحيد لها هو إعادتها مرة أخري إلي ساحة القضاء بالطعن عليها, ومن ثم السعي لأحكام تتفق وحجم الجرائم المرتكبة سواء فيما يتعلق بقتل الشهداء أو عمليات النهب المنظمة لثروات مصر علي امتداد العقود الماضية. إننا نثق كل الثقة بأن القائمين علي السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية يدركون حجم الأخطار التي تتهدد مسيرة الوطن إذا لم يحدث التوازن والاحترام المتبادل فيما بينها, ومن هنا نقول لمن يصب الزيت علي النار سعيا لإثارة أو جذب اهتمام: عليكم المراجعة الفورية لمواقفكم انتصارا لمصر قبل كل شيء ولأن مثل هذا الصراع الوهمي بين السلطات لاغالب فيه ولامغلوب.