أسدل الستار أمس علي فصل واحد من محاكمة القرن.. وبكل ما صاحب الأحكام من ثورة غضب جديدة في الشارع المصري تطالب بالقصاص العادل من قتلة الشهداء.. بينما تتواصل ردود الأفعال في الداخل والخارج حول النتائج المتوقعة علي مجريات الأحداث خاصة ونحن نقترب من الجولة الثانية والحاسمة في الانتخابات الرئاسية. دعوات الغضب يجب ألا تقودنا إلي حالة الفوضي, بل العكس هو الصحيح تماما.. لأن فقدان السيطرة علي الشارع معناه ببساطة شديدة.. إفساح المجال أمام القوي المتربصة بمصر وثورتها, للقيام بتحركها الأخير قبل بلوغ نهاية المرحلة الانتقالية.. وتولي الرئيس الجديد للبلاد إدارة الملفات المهمة.. ومنها ما يتعلق بمحاكمة النظام السابق ورموزه في سياق جديد ينتزع حقوق الشهداء والشعب كاملة غير منقوصة. كل هذا الغضب يجب ألا ينسينا ما نردده دائما من أن قوة الثورة المصرية وريادتها وتفردها ينبع اساسا من سلميتها.. وعدم لجوئها لإجراءات استثنائية والالتزام بطريق العدالة بصرف النظر عن مشقته وصعوبة تخطي مراحله المختلفة. علينا في هذه المرحلة المهمة والاستثنائية السير في طريقين متوازيين.. الأول يتعلق بردود الفعل تجاه الأحكام المعلنة من خلال تحرك المدعين بالحق المدني مع أسر الشهداء لاتخاذ كل الإجراءات الممكنة لاستكمال طريق المحاكمة. أما الشق الثاني.. فيرتبط بالجانب السياسي وضرورة إظهار التلاحم الشعبي والتحلي بأعلي درجات اليقظة والانتباه من جميع القوي والتيارات السياسية, حتي تستكمل مصر مسيرتها وتأتي برئيسها المنتخب عبر صناديق الاقتراع.. ولتبدأ مرحلة جديدة في بناء مؤسسات الدولة علي أسس راسخة من الحرية والمساواة والعدالة الناجزة. ولقد شهدت ميادين مصر أمس ملحمة جديدة.. تثبت حيوية الثورة وتجددها وأنها قادرة دوما علي أن تكون حاضرة في اللحظات التاريخية التي يمر بها الوطن.. وقد استعاد ميدان التحرير رمزيته وعنفوانه.. وهو يرسل رسالة واضحة كل الوضوح لمن يهمه الأمر بأن ثورة مصر لم ولن تتراجع وهي ثابتة علي أهدافها.. ومطمئنة علي مستقبل منشود يكون فيه الوفاء لدماء الشهداء الذين دفعوا حياتهم من أجل هذه الحرية والعدالة والمساواة. طريق العدالة لا يزال طويلا وشاقا, ولكن الشعب المصري سيكون قادرا علي اجتيازه حتي يصل إلي حقوق الشهداء وإلي توقيع القصاص العادل بالقتلة وبالمفسدين في الأرض الذين استباحوا ثروات مصر ونهبوا خيراتها. [email protected]