عجبا للنخبة المصرية التي تعاود سيرتها الأولي في الجدل والبحث والتنقيب حول قضايا الوطن رغم ما جاءها من برهان في يناير2011 ليحسم الإجابة عن علامات استفهام يجري الترويج لها هذه الأيام. يحدثونك عن زعامة تفرض نفسها وسط الجماهير وتعبر عن نبض الناس والشارع, ويحدثونك عن قائد محتمل علي غرار ما عرفناه منذ الخمسينيات من القرن الماضي وحتي وصلنا الي النظام السابق الذي فعل بمصر ما لم يفعله الاستعمار القديم. نقول لأهل النخبة: ان ثورة يناير قد أرست القاعدة الذهبية الجديدة ليس لمصر وحدها وإنما لبقية الشعوب المتطلعة نحو الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية, هذه القاعدة الذهبية ترفض الفكرة التقليدية للزعيم الخالد الملهم الذي يستيقظ ليغير بقراراته الفردية كل شيء, لقد انتهي عصر الزعيم الفرد الذي يتلقي وحيا وهميا ويحيط نفسه بالمحظوظين من أثرياء المال العام وأصحاب السطوة والنفوذ والتحكم في رقاب العباد, انتهي زمن القائد المعصوم من الخطأ والذي بنظرة واحدة منه تفتح ملفات ويجري التعتيم علي غيرها. ثورة يناير يا سادة فتحت عهدا جديدا لا مكان فيه لزعيم أو قائد سوي الشعب الأعزل الذي يمتلك بسلمية ثورته أعظم أسلحة الوجود علي الإطلاق. الملايين التي تخرج وقت اللزوم الي الميادين هي الحاكمة بأمرها علي الجميع وهي المانحة للشرعية عبر صناديق الاقتراع من خلال ممارسة ديمقراطية لا مجال أو مكان فيها لوصاية من أحد. إنها الحقيقة التي يتوجه بسببها كل المرشحين المتنافسين في الإعادة بالخطابات اللينة والعروض الاستثنائية لكسب مساحة في الشارع لأن أيا منهما يدرك عن يقين أن منصب الرئيس لن يحميه من محاسبة شعبية عند اللزوم. الحقيقة يا سادة أنه قد حان وقت الاعتراف بزعامة هذا الشعب العظيم وبأنه القائد الحقيقي لكل ما يدور من أحداث وضرورة الامتثال لما تريده الجماهير حفاظا علي الحاضر والمستقبل معا. وما نقوله لا يغلق الباب أمام أصوات معبرة عن روح هذه الجماهير وتسعي لبلورة مواقف وطنية حقيقية ولكن الخطأ- كل الخطأ- الاعتقاد بأن صناعة الزعيم الفرد قد تمثل الحل الأمثل لما نحن فيه. الشعب يرصد ويراقب ويتابع ويحاسب وعلي كل القوي والتيارات السياسية في مختلف المواقع التحسب ليوم الحساب القادم حتما مع الجماهير وعندها سيكون الجزاء من جنس العمل!