يبدو أن صناع الدراما التليفزيونية يبتعدون كثيرا عن الدراما التقليدية والمجتمعات المدنية خاصة ما يحدث بالقاهرة والقضايا الاجتماعية الشائكة داخل كل بيت, ورغم تجاهل الدراما التليفزيونية منذ فترة للأعمال التاريخية إلا من بعض الأعمال النادرة علي مدار الاعوام الثلاثة السابقة, إلا أن الموسم الرمضاني المقبل الأعلي كثافة مشاهدة سوف يتضمن9 مسلسلات تدور أحداثها داخل المجتمع الصعيدي منها مسلسل سيدنا السيد ومسلسل الدم وابن ليل والنار والطين والأبعدية, فهل نجاح عدة أعمال مثل الرحايا, شيخ العرب همام, ومسلسل وادي الملوك سبب في اتجاه كتاب الدراما للأعمال الصعيدية؟ أم أنها فكرة تجارية بحتة, وهل المجتمع المصري والعربي في حاجة لتناول قضايا تهتم بهذا المجتمع وثقافته ومضمون سلوكه واخلاقياته أم لتأثيرها بتراثها وتاريخها في الشخصية المصرية. يقول السينارست عبدالرحيم كمال أعتقد أنه بعد نجاح الرحايا, وشيخ العرب همام, أحدثا نقلة في الدراما, وخاصة الدراما الصعيدية, وهذا ما جعل القائمين علي صناعة الدراما يستسهلون ويقدمون هذه النوعية من الدراما والرجوع للخلف بتقديم الصعيدي ب الجلابية وأيضا استخدام أفكار مسبقة وجاهزة وغير حقيقية عن الصعيد, ومتشابهة ليعرضها كصعود الجبل والثأر والمخدرات, وأضاف عبدالرحيم أن كل ما تتناوله الدراما المصرية من موضوعات عن الصعيد هو تهميش لهم ولدورهم داخل المجتمع المصري والعربي, وأكبر دليل علي ذلك عدم وجود أحد المرشحين للرئاسة من الصعيد وهذا يعتبر أزمة حقيقية بعد أن ظل الصعيد30 عاما من التهميش وبعد ثورة25 يناير أصبحت الدراما تقدم موضوعات غير حقيقية والنظر فقط للمكسب المال دون نوعية ما تقدمه. وأضاف كمال أننا نقدم الخواجة عبدالقادر الذي يقوم ببطولته يحيي الفخراني ويخرجه شادي الفخراني, حدوتة إنسانية ذات طابع صعيدي حيث هناك الكثير من الأحداث خارج الصعيد في لندن والقاهرة وعدد من المدن المصرية فأصبح المسلسل عبارة عن توليفة حقيقية من داخل المجتمع المصري. ويضيف عبدالرحيم اتمني أن يكون هناك عمل صعيدي حقيقي وليس تجارة وتهميشا وفي النهاية لابد من احترام عقول المشاهدين وتقديم أعمال درامية تليق بالصعيد وما به من قضايا حقيقية تهم الشعب المصري بالكامل لأن معظم ما يقدم في الدراما غير حقيقي وأشياء خيالية ولا تقدم قضايا تهم الصعيد نفسه. أما المخرج حسني صالح فيؤكد أن الظروف التي حدثت بمصر حلال الفترة الماضية منذ أحداث ثورة25 يناير ما جعلت هناك أعمالا كثيرة تم تأجيلها العام الماضي واستكمال تصويرها فأصبحت هناك أعمال كثيرة صعيدية هذا العام, ونظرا لنجاح بعض الأعمال الصعيدية في العام الماضي وما قبله جعل شركات الانتاج تفكر كثيرا في تقديم أعمال صعيدية في موسم رمضان القادم وأعتقد أن هذا غير مقصود, كما كنت أتمني أن أقدم هذا العام عملا صعيديا ولكن مسلسل حافة الغضب هو ما أبعدني عن الأعمال الصعيدية هذا العام. أما عن تقديم أعمال تناقش الثورة وما بعدها فيري صالح عدم التسرع في تقديم أعمال عن الثورة وما بعدها حاليا لأنه لابد أن تنضج الثورة وظهور أهدافها وتحقيقها ولابد أن نقوم بتوثيق هذه الأحداث توثيقا صحيحا وهذا لن يحدث إلا بعد أن تكتمل الثورة وتتضح أهدافها. وتؤكد الناقدة ماجدة خيرالله أن الصعيد جزء كبير جدا من مصر بتقاليده وأشخاصه وثرواته الموجودة هناك وعلاقات الأفراد ببعضهم لذلك شكل الحياة اختلف تماما منذ سنوات عما يقدم بالدراما المصرية لكن كتاب الدراما مصممون علي الشكل التقليدي الذي نجح تقديمه منذ عقود طويلة ولم يشاهدوا أن الصعيد أصبح متحضرا وبه الجامعات والمدارس والوعي الثقافي إلا أنهم يريدون أن يظهروا الصعيد كتجار أثار ومخدرات والنظر إلي الصعيد بالمنظور السييء والسعي وراء الأطر العادية والتقليدية. وتطالب ماجدة كتاب الدراما بأن يقدموا دراما جديدة وموضوعات تهم الصعيد نفسه والاجواء الحديثة لديهم وأعتقد أن كثرة الأعمال الصعيدية في موسم رمضان المقبل لن تحقق النجاح المزعوم من قبل شركات الانتاج الذين يلهثون وراء الربح فقط دون النظر لما يقدمونه من أعمال تهم الشارع المصري, لأنهم أيضا يقلدون ما حدث الأعوام السابقة من نجاح مسلسل شيخ العرب همام والرحايا ووادي الملوك وغيرها لأن الجمهور ذوقه اختلف بعد ثورة25 يناير, وبانتظار أعمال مختلفة.تناقش قضايا مستحدثة تهم رجل الشارع وليس المثقفين فقط, ويرجع السبب إلي قلة الابداع والتفكير, ونحن في أمس الحاجة إلي أعمال صعيدية تتكلم وتناقش قضايا صعيدية جديدة لأنها لم تتغير منذ تقديم شيء من الخوف إلي وقتنا هذا, وإنسياق كتاب الدراما وراء عمل ناجح في السابق هو السبب وراء كثرة الأعمال الدرامية الصعيدية هذا العام. فيما يري الناقد طارق الشناوي عدم القدرة من قبل أي شخص علي أن يعرض علي الكتاب تقديم نوع من الأعمال الدرامية فهناك موضة اتبعها الكتاب في مواسم كثيرة فنجد اتجاه الكتاب للسيرة الذاتية كتقديم السندريلا وعبدالحليم وبعدهما ليلي مراد وإسماعيل ياسين, فتحدث موجات قد تكون صعيدية أو سيرة ذاتية فهذا الموسم اتجهوا إلي تقديم دراما صعيدية ولكن للأسف لا يتم تقديمها بطريقة صحيحة بل تقدم بلهجة مختلفة وغير حقيقية وبطبيعة ليست بطبيعتهم, وهذا ناتج عما يقدم من أعمال يأخذها كتاب الدراما من المحفوظات العامة وليس من واقع حقيقي فهناك كتاب يرجعون إلي أعمال قديمة صعيدية ويحاكون بعضها مرة أخري لتقديمها. وأشار الشناوي إلي أن موضة تقديم أعمال صعيدية وكثرتها في هذا التوقيت بالذات أسوأ شيء لأنها تؤدي الي نتائج عكسية علي الشاشة, وأيضا العدوي الدرامية في نظر صانع الدراما إلي المنظور التجاري فقط وهي التي تحركه وليست المعادلة والنظر لما يقدمه من أعمال سواء صعيدية أو غيرها تناقش قضايا حقيقية وموضوعية حديثة وليست من قرون وتم تقديمها أكثر من مرة علي شاشة الدراما المصرية والعربية.