التراث الغنائي المصري يعد مادة خام للموسيقيين الشباب الذين يقومون بإحيائه من خلال مشاريعهم الفنية, فيستطيع الفنان أن يعيد إنتاج هذا التراث الخصب مستخدما ما وفرته له التكنولوجيا من أدوات, حيث تمثل أعمال المطربين الكبار مصدر إلهام يدفع الموسيقيين الجدد للإبداع. وآخر تلك المشاريع هو أم كلثوم ديجيال.. أم كلثوم لا تنتهي الذي قدم في ظل الاحتفال بمرور37 عاما علي رحيلها بدعم من بروهلفتسيا( المؤسسة الثقافية السويسرية) وهو عرض موسيقي وفيديو يقدمه فنان المالتيميديا السويسري جان لوك مارشينا والموسيقيون المصريون نهلة مطر, وأحمد الصاوي. يهدف العرض إلي تقديم تصور معاصر لأعمال سيدة الغناء العربي أم كلثوم, من خلال فيديو مارشينا الذي يعرض فيه صورا لمجموعة من المصريين يتناول علاقاتهم بالنشأة وتطور أم كلثوم مستوحيا هذا من بيئتها, بينما يقدم كل من أحمد الصاوي ونهلة مطر تصورا موسيقيا( إلكترو أكوستيك) لأغاني كوكب الشرق. وشارك في المشروع مجموعة من الفنانين هم الشيخ وليد شاهين( إنشاد), ليث سليمان( ناي), وائل السيد( أوكورديون), أيمن مبروك( إيقاعات), محمد سامي( كمان), و(هندسة صوت) حسين سامي. والعرض يمثل تحديا للمتلقي وهو يتصور أن أم كلثوم يمكن أن تكون موسيقي ديجيتال أو بها ارتجال, من خلال الحوار الثقافي بين فنان مصري وفنان سويسري لتقديم أم كلثوم من خلال الآخر, يبرز في العرض الخيال, الأسطور, نقاط الالتقاء, ونقاط التحول. أكد القائمون علي العرض أنهم انتهجوا منهج أم كلثوم فكانت تعمل علي هيكل اللحن وليس التفاصيل, وهذا يمثل الاتجاه الطليعي الذي يلعب علي وتر الذاكرة ويكسر التوقعات دائما في بناء انفعالي. وأكد الفنان أحمد الصاوي المشارك بالجانب الموسيقي أنه مهتم بفن التواشيح والمشايخ منذ أن نشأ في حي الجمالية, وأول مشروع قام به بعد التخرج كان حفلا موسيقيا بالأوركسترا مع تواشيح. واهتمامه بفن التواشيح ظهر في مشروع أم كلثوم إذ اعتمد علي الأغاني الصوفية لها, ويؤكد الصاوي أن أهم شيء في مشروع أم كلثوم كان البناء والمشروع يقدم رحلة أم كلثوم من الميلاد حتي الموت وعمل عليه في10 أيام. وأوضح الصاوي بدأنا الاحتفالية بالتعطيرة النبوية للشيخ إبراهيم الفران وهو أحد المشايخ الذين أثروا في نشأة أم كلثوم, وأصروت أن أبدأ به لأن أم كلثوم لم تكن تستغني عن أصوات هؤلاء المشايخ, وكانت تحاول دائما أن تصل بصوتها إليهم وتتحرك بين المقامات مثلهم. أضاف: اتفقنا أننا لن نقدم أم كلثوم كما هي لكن سوف نستلهم روحها, وكدليل علي الميلاد غني الشيخ وليد شاهين في البداية رضاك يا خالقي ثم قمنا بتكرارها بشكل أسرع لنؤكد فكرة الخلق. ومن الأغاني التي تم العمل عليها أيضا القلب يعشق كل جميل ورباعيات الخيام, والآلات المستخدمة في الحفل رق, وعود, وكمان, وأكورديون وكان علي كل الآلات مؤثرات, كما أننا قدمنا صولو لآلة الرق التي كان من المستحيل أن تعزف صولو في فرقة أم كلثوم, لكن أبرزته لأنها آلة الإيقاع التي تضبط إيقاع المطرب علي المسرح وهو كان جزءا مهما من فرقة أم كلثوم. وعن الجزء الذي استخدم فيه الصاوي موسيقي المولد في المشروع أوضح أنه عملية انتقال للموسيقي الشعبية التي تأتي من بيئة أم كلثوم كما أنها الامتداد الشعبي للمديح والإنشاد. وأضاف الصاوي أنه متحيز جدا للموسيقيين المصريين لأنهم صنعوا حضارة موسيقية, وأنه قد شاهد أبحاثا عن الموسيقي المصري في الخارج التي أثبتت أنه ثري جدا فعبدالوهاب كمثال يمكن أن تقدمه بموسيقي البلوز أو الجاز وغيرهما, حتي في منولوج إسماعيل ياسين السعادة في موسيقي جاز, وعبدالمطلب في أهل المحبة توزيع مصري لكن في قالب جاز, ونماذج أخري كثيرة ومتعددة.