يقول رائد علماء النفس' فرويد': إن الانسان تتنازعه غريزتان أساسيتان تعملان معا داخله.. الأولي هي غريزة البناء والثانية هي غريزة الهدم.. الأولي تعمل لصالح الحياة والثانية تعمل لصالح الموت والفناء.. وأنت الذي تملك بإراتك تحجيم إحداهما دون الأخري كما تملك تشجيع الأولي علي الثانية أو العكس.. لذلك يصبح تبنيك لايجابيات الحياة كالحب والأمل والتفاؤل والعمل أشياء في صالحك تماما.. وإذكاء لعمل غريزة البناء بينما يصبح اليأس والإحباط وتبني السلبيات معاول تساهم في هدمك وهدم كل ماهو حي وجميل داخلك إلي أن توصلك في النهاية إلي الموت. أي أنك انت الذي تمسك الدفة في زورق حياتك لتوجهه كما تريد.. وتتحدي الأمواج العاليه والعواصف والمتاهات التي تقابلك.. وأمامنا أمثله كثيرة لأمراض مستعصية وميئوس منها أمكن لأصحابها النجاة منها بالإرادة.. إرادة البناء.. في نفس الوقت هناك أمثله كثيرة علي أناس اختاروا موتهم حين اختاروا اليأس.. أو قرروا إنهاء مشروعاتهم وأهدافهم.. ولعلنا نسمع عن كثيرين ماتوا بعد أن أحيلوا إلي المعاش بقليل لأن مشاريعهم في الحياة انتهت بينما هناك غيرهم عاشوا لما بعد التسعين بل وأنتجوا وأبدعوا لأنهم مازالوا يعطون ولعل نجيب محفوظ يعتبر مثلا واضحا لذلك. ومصر الآن تتنازعها الرغبتان.. رغبة البناء ورغبة الهدم.. فالبلد منقسم إلي فئتين فئة ترنو إلي البناء وتفكر في المستقبل وفيما هو إيجابي للبلد.. وفئة تتمني جره إلي الماضي يأسا من أي إصلاح.. وتلك هي فئة الهدم.. ولأن الثورة في حقيقتها هي ثورة' للبناء' ضد الواقع الجامد الذي يستمد وجوده من' الهدم' لذلك وغالبا ماتنجح الثورات.. لأنها مع الغريزة الأقوي.. ولأنها مع الحياة ومع إرادة الحياة.. لقدكان البناء هو العنصر الأساسي لمصر مند عهد الفراعنة.. مند بناء الشاهقات الخالدات كالمعابد والأهرامات.. والتي بنيت أصلا علي غير مايعتقد الكثيرون للحياة لا للموت.. حيث كان الموت عندهم هو انتقال إلي حياة أخري كاملة هي استمرار للحياة الأولي. ولأن مصر بلد لايموت.. ولايرجع للوراء.. لذلك فالتقدميون والثوريون الحقيقيون سينتصرون طالما تلك الروح حية في مصر.. وطالما أن إرادة الحياة أقوي من إرادة الموت رغم وجودهما معا والدليل أن الحياة مستمرة وستبقي مستمرة.. رغم كل العوائق والصياح والسلبيات. [email protected]