رغم أهمية صناعة الملابس الجاهزة في تعزيز الاقتصاد القومي ومساعدته في تجاوز الأزمة الحالية التي اثرت عليه بالسلب, وجعلته كالكهل الكبير الذي لا حول له ولا قوة, صدر العديد من القرارات خلال الفترة الماضية لتزيد من أعباء تلك الصناعة منها فرض رسم حماية اغراق علي واردات الغزول والمنسوجات بحجة حماية الصناعة الوطنية. وأشار خبراء هذه الصناعة إلي أن قرارات الدكتور محمود عيسي وزير الصناعة والتجارة ومنها قرار626 الخاص بواردات الغزول والمنسوجات, تجاهلت أهمية فرض رسم حماية علي واردات الملابس الجاهزة تامة الصنع, وذلك رغم تزايد المطالب من جانب المنتجين المحليين بشأن تطبيق هذا الأمر علي أرض الواقع, خاصة انه السبيل الوحيد لمواجهة إغراق الملابس المستوردة للسوق المحلية, التي يدخل العديد منها للبلد عن طريق الممارسات غير الشرعية مستقلين بعض الآليات التي يتم تطبيقها في مصر ومنها المناطق الحرة. وانتقد الخبراء قيام الدولة بوضع حوافز لتشجيع المستثمرين علي التوسع في صناعاتهم وتطوير خطوط الانتاج لفتح أبواب جديدة أمام الصادرات المصرية أسوة بما فعلته دول أخري, مؤكدين ان القرارات الأخيرة لوزير الصناعة جاءت لتضرب بهذه الحوافز عرض الحائط ولتبدو آمال رجال صناعة الملابس الجاهزة في الأرتقاء بالمنظومة الصناعية. اعتمدت الحوافز التي اتبعتها الوزارة, كما يوضحها محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسجية علي آلية ترتبها منظمة التجارة العالمية لمواجهة حالات الاغراق والذي يحدث في حالتين, الأولي دخول كميات كبيرة من الواردات المثيلة للمنتج المحلي منها تزيد علي نسبة معينة من المعروض في السوق أو أن تدخل هذه السلع بأسعار تقل عن التكلفة. وأشار إلي أن الحالتين تعتبران اغراقا للسوق مما يؤثر علي موقف الانتاج المحلي منها, ويسمح بفرض رسم الحماية مشيرا إلي أنه في المقابل يتم وضع شروط, لابد من الالتزام بها حتي لا تتعرض الدولة للعقوبات التي تفرضها منظمة التجارة العالمية في حالة الاخلال بهذه الشروط, وهي تقديم ما يثبت حدوث خسائر لدي المنتجين. ويناشد رئيس الغرفة أن يتقدم الصناع, بما يثبت تحقيقهم خسائر حتي يمكن إصدار قرار بفرض رسم حماية علي الملابس الجاهزة المستوردة أسوة بما تم في منتجات الغزول والمنسوجات. المساندة الحكومية لكن الواقع يطرح أبعادا, أكثر من تلك التي تعتمد عليها الجهات المسئولة, والتي بدت الأمور وكأنها خلاف بين طرفين كل منهما يلقي المسئولية علي الآخر. فالقضية تتعلق بضرورة معالجة أوجه الخلل الذي يعاني منه قطاع انتاجي وتصديري مهم يسهم بنصيب مهم في الصادرات المصرية وحقق في العام الأخير2011, أكثر من8 مليارات جنيه رغم كل العوامل التي أثرت سلبا علي القطاعات الانتاجية خلال تلك الفترة ويمتلك امكانية تحقيق أضعاف هذا الرقم في حالة ما إذا وضعت سياسات تؤهله لذلك, كما فعلت دول أخري كثيرة مثل الهند وتركيا وباكستان, والبرازيل, وكلها من الدول النامية. ويؤكد يحيي زنانيري رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة الذي وصف عدم صدور قرار لحماية الملابس الجاهزة بعد ارتفاع أسعار الغزول والمنسوجات بأنه يضيف أعباء جديدة علي الصناع, إضافة إلي ما تحملوه طيلة السنوات الماضية التي شهدت فيها الصناعة كثيرا من المعوقات. مشيرا إلي أن قرارات أخري متلاحقة صدرت خلال الفترة نفسها أي في الأشهر الأخيرة ساهمت في عدم الاستقرار في هذه الصناعة لانها تفرض أعباء جديدة, لما تقتضيه من سرعة في اعادة ترتيب الاوضاع مثل قرار المواصفات القياسية لواردات الغزل والمنسوجات والملابس الجاهزة أو قرار مد العمل بموسم التخفيضات الأوكازيون حتي منتصف أبريل وهو قرار سياسي لا يأخذ في اعتباره حجم الخسائر التي تنتج عنه هذا بالاضافة إلي قرارات فرض رسم الاغراق دون أن تتضمن الملابس والجاهزة وذلك كله وفقا لتعبيره يجعل الأوضاع أسوأ مما كانت عليه قبل الثورة ويبرر قوله بأنه كان يتوقع في الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد, أن تكون الحكومة أكثر حرصا علي مصلحة الانتاج وأن تكون جهة مساندة ودعم, لا أن تكون مصدرا للمشاكل والمعوقات. ويعتبر بعض المنتجين الحكومة وقفت موقفا سلبيا من صناعة الملابس الجاهزة وهي تعلم أن الملابس المستوردة, التي تدخل بطرق غير رسمية, عبر المطارات والمناطق الحرة وتغرق الاسواق, لكنها لم تبذل الجهد المناسب ووضعت الصناعة في موقف غير متكافئ مع مثيلتها المستوردة في الداخل والخارج. تراجع متوقع للصادرات وبينما ينفي المسئولون, حدوث أي تأثير سلبي علي صادرات الملابس الجاهزة باعتبار أن التصدير يستفيد من نظام السماح المؤقت الذي يقوم علي أساس استرداد المصدرين ما يتم دفعه من رسوم وضرائب علي مستلزمات الانتاج المستوردة. إلا أن المصدرين من جانبهم أكدوا عدم انتفاع أغلبهم بهذا النظام بعد أن ثبت لفترة طويلة صعوبة الاسترداد وعوامل أخري ترتبط بتنفيذه, تمنعهم من العمل به. وعن عدد المصدرين الذين لا يتأثرون بارتفاع الأسعار عدد محدود يقول المهندس عبدالغني الأباصيري عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات النسجية بأنهم كبار المصدرين, والشركات التي تعمل بالمناطق الحرة التي يعفيها القانون من سداد أية ضرائب أو رسوم, لأن نشاطها تصديري. أما المصانع التي تتحمل كل ما يفرض من أعباء علي المنتجين هي التي تتحمل عبء ارتفاع الأسعار نتيجة هذه القرارات. وهو ما يعبر عنه محمد نجيب عضو غرفة الصناعات النسجية, بقوله: كنا نتمني كصناع وناس وطنيين أن تستكمل منظومة فرض رسم الاغراق, بقرار يشمل الملابس الجاهزة, خاصة أن الغرفة تقدمت بطلب فرض رسم الاغراق علي جميع واردات الغزول والنسيج والملابس الجاهزة. الخروج من المأزق وإذا كانت هناك اقتراحات من جانب البعض باعادة النظر في الشروط التي تفرضها منظمة التجارة, واستبدال شرط تحقيق الخسائر بآخر أقل ضررا وهو عدم تحقيق المصنع أرباح أي البيع بسعر التكلفة. وفيما يتعلق بالحلول الأخري التي طرحت يؤكد الأباصيري ضرورة اختيار آلية الدعم مع أن يتم توجيهه إلي المزارعين لأنهم مستحقيه وليس المصدرين الذين يمثلون الحلقة الأخيرة في سلسلة الصناعات النسجية لذلك تأثيره غير المباشر علي الصناعات الأخري أقل, مما لو تم توجيهه إلي القطاعات الرئيسية والمؤثرة مباشرة علي أدائه وهو انتاج القطن وصناعة الغزل. ويؤكد في حديثه أن وضع منظومة جديدة للدعم في حديثه أن وضع منظومة جديدة للدعم توجه إلي هذين القطاعين, من شأنها أن توفر حلولا أساسية لكثير من المشكلات التي يواجهها القطاع وضمان استمرار المزارعين في انتاج القطن, ووصول القطن إي المغازل بأسعار مناسبة واستخدم تعبيرا وصف فيه صناعة الملابس الجاهزة. بأنها صناعة مهاجرة لكن صناعة الغزل تمثل البنية الأساسية للقطاع.