الاستئثار بالسلطة.. تلك هي التهمة التي يوجهها المصريون وفي مقدمتهم القوي السياسية للإخوان المسلمين, بينما يجتهد فلاسفة الإخوان لرد تلك التهمة عبر العديد من التخريجات التي تدور حول اعتبارات الديمقراطية وتكليف الشعب وذلك بالنسبة لقضية اللجنة التأسيسية للدستور,.. و تغير الظروف وذلك بالنسبة لموضوع ترشيح المهندس خيرت الشاطر للرئاسة وخلافا لما وعدت به الجماعة القوي السياسية خلال الأشهر الماضية. وحتي الآن فمن الواضح أنه لا يوجد بيننا جميعا من يقتنع بمبررات الإخوان.. وفي رأيي فإن دفاعهم عن موقفهم في مسألتي التأسيسية والشاطر هو دفاع ضعيف للغاية ولا يتسق نظريا بالطبع مع الفكر السياسي الذي عبر عنه الإخوان منذ ثورة يناير, والذي كان يعلي من قيمة المشاركة لا المغالبة, فإذا بهم اليوم يدافعون عن التمسك بمنطق المغالبة طالما أن ذلك لا يتعارض مع الديمقراطية. فاستئثارهم باللجنة التأسيسية للدستور كان سيحدث بصرف النظر عن الطريقة التي ستتبع في تشكيلها وتأثيرهم علي الدستور ذاته أمر واقع بحكم الأغلبية التي لهم في البرلمان, ومن هنا أقول إنه من الناحية القانونية والشكلية لا غبار علي موقف الإخوان, كما أنه لا غبار علي موقفهم بترشيح الشاطر, فالشاطر شأنه شأن أي مواطن مصري يتمتع بحقوقه السياسية ومن حقه الترشح للانتخابات بما في ذلك الانتخابات الرئاسية, ولكن من ناحية المصلحة العامة للوطن ومن ناحية الملاءمة السياسية للأوضاع التي تمر بها مصر كنا نعتقد أن الإخوان أشطر من أن يدفعوا بالشاطر أو يتمسكوا بهذا الشكل المبالغ فيه باللجنة التأسيسية للدستور. وكما أكد الجميع بمن فيهم الإخوان أن مصر في المرحلة الحالية في حاجة ماسة إلي تضافر جهود كل القوي والتيارات وعدم اقصاء أحد حتي لو كان ذلك بطريق ديمقراطي.. فالبناء يتطلب جهود الجميع خاصة أن المشاكل التي تواجهها مصر وستظل تواجهها عبر عدة سنوات قادمة تحتاج إلي مشاركة الجميع. ومن ناحية أخري فإن استئثار الإخوان أو سعيهم للاستئثار بكل شيء يعيد إلي ذاكرة المصريين إرث الحزب الوطني الذي ثاروا عليه, بما يجعلني أتخوف علي مستقبل مصر القريب إذا فاز الشاطر بالرئاسة ولو تم ذلك في انتخابات أكثر نزاهة وشفافية من انتخابات مجلس الشعب. فهل معني ذلك أن خسارته الانتخابات ستقضي علي تخوفي هذا؟ بالتأكيد لا فخسارة الشاطر الانتخابات أو فوزه بها ليست المشكلة ولكن المشكلة تكمن في أن ترشيحه قد أوجد حالة من عدم الثقة وزاد من رصيد الشك من قبل المصريين في الإخوان المسلمين, ليزيد من المشكلة الأساسية التي تعانيها مصر وهي فقدان الثقة في الجميع وفي كل شيء. وهي حالة أراها تنذر بالكثير من المشكلات لمصر. أخطأ الإخوان ووضعونا جميعا أمام اختيارات أحلاها مر, وكما يقولون فغلطة الشاطر بألف.