فجر المخرج أحمد عبد الله مساء أمس مفاجأة بتأكيده أن وزارة الأوقاف ما زالت علي موقفها الرافض تصوير بعض مشاهد فيلمه الجديد فرش وغطا في جامع السيدة نفيسة , نافيا كل ما تردد في وسائل الإعلام قبل يومين عن صدور موافقة الوزارة علي تصوير الفيلم بعد دراسة الموضوع واستجابة لمطالب السينمائيين والمثقفين, والتي تم التعبير عنها في عدة بيانات تدين موقف الأوقاف وتطالب بالسماح بتصوير الفيلم بالمسجد احتراما لحرية التعبير والإبداع. وقال عبد الله في تصريحات خاصة للأهرام المسائي إنه لا يعرف مصدر شائعة السماح بتصوير الفيلم, حيث لم يصدر عن أي من صناع الفيلم, أو حتي عن الوزارة, ما يفيد بذلك. وأوضح أنه توجه إلي الوزارة بعد نشر هذه الشائعة ليعرف مصير الفيلم فقيل له إنه لا توجد موافقة حتي الآن, وأن الموضوع ما زال تحت الدراسة, وطلب منه أن يعود اليوم( الخميس) لمعرفة القرار النهائي. وأبدي دهشته من انتشار شائعة الموافقة, قائلا إن من نشروها نقلوا من بعضهم البعض من دون تدقيق. وكانت وزارة الأوقاف منعت تصوير بعض مشاهد فرش وغطا بجامع السيدة نفيسة, بل أعلن أحد موظفيها منع التصوير في المساجد بشكل عام, رغم أن صناع الفيلم استخرجوا كل التصاريح اللازمة, كما ذكر عبد الله في شهادة نشرها علي موقعه الإلكتروني, ومنها موافقة الرقابة علي المصنفات الفنية وإجازتها لنص السيناريو, وموافقة وزارة الداخلية- التي اطلعت علي النص أيضا علي التصوير في شوارع القاهرة. وأصدرت جبهة الإبداع المصري بيانا قالت فيه: إنها تلقت بانزعاج بالغ ودهشة قرار منع التصوير, وإن هذا الموقف يثير أسئلة عديدة حول موقف وزارة الأوقاف من فن السينما ومن الفنون عامة.. ولفت البيان إلي أن الفن كان دائما حليفا للأديان علي مر التاريخ وشاهدا علي عظمتها, واستشهد بمعالم الحضارة الإسلامية في الأندلس التي ذهبت بعد انهيار دولة الخلافة هناك, في حين بقيت النقوش والكتابات الإسلامية علي جدران الحمرا وغرناطة شاهدة علي ذلك العصر.. وأضاف أنه علي مر التاريخ الحديث, تهافت العديد من المخرجين التسجيليين والروائيين علي التصوير في مساجدنا الأثرية مؤرخين قيمتها الدينية والتاريخية في أعمال أدخلت تلك المساجد بيوت المصريين والعالم أجمع من خلال الوسيط البصري, مشيرا إلي أن الأزهر أصدر- منذ شهور قليلة- وثيقة تاريخية في دفاعها عن حرية الفنون وحرية الإبداع, وأن أحدا لا يمكن أن يزايد علي الأزهر في تشريعه. كما أصدر أعضاء لجنة السينما بالمجلس الأعلي للثقافة بيانا أعربوا فيه عن استنكارهم وقلقهم الشديد تجاه الإجراءات التعسفية ضد التصوير السينمائي في مصر, وقالوا: إن المساجد الشامخة التي تعد من عيون الفن الإسلامي, ستمنع من التصوير علي أيدي كهنة جدد متطوعين وخارج نطاق مؤسسة الأزهر التي تعد المرجعية الدينية الوحيدة في هذا الشأن, في نوع من المزايدة في غير موضعها لتيار التأسلم السياسي في مصر. والدليل علي صحة موقف المبدعين في هذه القضية, حتي من الناحية الدينية, أن بعض علماء الأزهر الأجلاء انتصروا لحرية التعبير, وخالفوا قادة الغزوة من مسئولي وزارة الأوقاف في الرأي, حيث قال الدكتور محمد رأفت عثمان, عضو مجمع البحوث الإسلامية, إن تصوير المسلسلات والأفلام داخل المساجد حلال شرعا وجائز طالما أنها ليست مخلة أو مخالفة لتعاليم الإسلام والآداب العامة.. وأكد- في مداخلة تليفزيونية هاتفية- أن وزارة الأوقاف ارتكبت خطأ برفضها تصوير فيلم فرش وغطا داخل مسجد السيدة نفيسة انطلاقا من أن حرية الإبداع مكفولة وحث عليها الإسلام. ومن ناحيته, قال الدكتور محمد مهنا, مستشار شيخ الأزهر- في مداخلة أخري- إن حرية الإبداع حث عليها الإسلام ولا يجوز الاعتداء عليها, وإن منع تصوير الفيلم يعد اعتداء علي حرية الإبداع, مشيرا إلي أن الإبداع ليس حراما وبالتالي فالتصوير داخل المساجد جائز شرعا طالما أن العمل متفق مع تعاليم الإسلام وآدابه العامة. الفيلم يؤرخ لثلاثة أيام من حياة سجين يهرب من محبسه, و يتحرك البطل( الذي يؤدي دوره الممثل آسر ياسين) خلال هذه الفترة بين عدد من المواقع في القاهرة, ويحدث في القصة أن يبيت ليلته الأولي في أحد المساجد ذات الأضرحة, وبالتالي كان من اللازم أخذ موافقة وزارة الأوقاف, وهي موافقة روتينية اعتادت الوزارة منحها للأفلام التي يتم تصوير أجزاء منها بداخل مساجد, ويتم ذلك بتقديم سيناريو الفيلم المجاز من الرقابة وموافقة الداخلية ويتم دفع رسم معين وفقا لكل مسجد.