الشارع باختصار هو القانون مطبقا.. وشكل الشارع هو الشكل المرئي لتطبيق القانون.. ومنظر الشارع المصري الآن هو الفوضي.. والفوضي تدعو إلي الفوضي وهكذا.. ومن الواضح أن المسئولين الكبار لا يسيرون في الشوارع أو إن ساروا راكبين طبعا فهم يختارون الشوارع الكبيرة الواسعة والتي ربما تكون نظيفة.. أما المسئولون الصغار فمن الواضح أنهم اعتادوا فوضي وقذارة الشوارع وبالتالي لم تعد تلفت نظرهم أو أنهم قد وصلوا إلي حالة اليأس. لم تعد الزبالة هي الصورة المميزة للشوارع في مصر حيث هناك شوارع منسية تماما ترتفع فيها أكوام الزبالة حتي لتصبح تلالا قذرة تجتذب القطط والكلاب الضالة وتصبح مساكن نموذجية لتوالد الذباب والحشرات. لا أعتقد أن مصر سينصلح حالها مالم ينصلح شكل الشارع أولا.. فالشارع ليس مجرد ممر يسير فيه الناس منه وإليه وإنما هو معرض للفن التشكيلي.. فإن كان جميلا كان معرضا فنيا بحق يمتع البصر والنفس والروح وان كان قبيحا كان معرضا للقبح والدمامة وأثار في النفس الغثيان. انظر الي ميدان العتبة مثلا حيث هناك مجمع للمسارح أي للفنون.. انظر إلي تكدس الباعة الثابتين وليس المتجيلون أو بمعني أصح العشوائيون.. وانظر الي أصواتهم وهم ينادون علي بضاعتهم بأعلي صوت بشري.. لا ينافسهم في ذلك سوي أصوات الأغاني الهابطة الصادرة عن إذاعاتهم الخاصة لقد تطوروا أيضا مع غياب القانون وأصبحوا يبيعون المطاوي والأسلحة البيضاء والصواعق الكهربائية والترامادول أيضا! لا يمنعهم أحد ولا يمنعهم شيء كذلك الحال بالنسبة للميكروباصات التي لا يردعها رادع والتي تقف في كل مكان وأي مكان.. حتي المستشفيات والتي من المفروض أن تكون نظيفة.. لقد انتقل.. إليها العشوائيون من الباعة الذين كانوا جائلين فيما قبل وأصبحوا الآن ثابتين يحتلون الأرصفة ويفترشون مداخل المستشفيات.. ولعل ميدان الجيزة يتطور بسرعة لينافس ميدان العتبة وهكذا ينتقل هذا المرض سريع العدوان الي كل شوارع وميادين مصر.. أو أن توجد لهم أسواق بديلة. الحل الوحيد هو تطبيق قانون الثواب والعقاب وهو في الأصل قانون إلهي وفي كل بلدان العالم يدفع المخطئ في حق نظافة الشارع الغرامة فورا.. وفي مكانه.. ولذلك يشيع الجمال في شوارع المدن المتحضرة. ومرة أخري نقول ان الشارع هو القانون.. وان الشارع هو التحضر.. وان الشارع هو الجمال أو القبح.. وكلاهما ينتقل بالتعود الي جمال داخلي في النفس أو قبح داخلي وعلي أساسهما تكون الشعوب. [email protected]