لعل القرار الأهم الذي اتخذته القمة العربية في ليبيا هو الدعوة لعقد قمة عربية أخري واستثنائية في شهر سبتمبر المقبل, وبعيدا عن صياغة العبارات فإن الأسباب الحقيقية لذلك القرار تعود إلي غياب عدد كبير من القادة والزعماء العرب, وفي تقديري فإن عدم تمكن الرئيس مبارك من المشاركة قد دفع بقادة آخرين إلي تفضيل عدم الذهاب إلي سرت, ذلك لأن وجود الرئيس مبارك يعطي ثقلا مهما ولا غني عنه خاصة إذا كانت القضية الأساسية المطروحة تتعلق بفلسطين ودعم الصمود في القدس تجاه الممارسات الإسرائيلية. وعلي الرغم من حرص مصر علي المشاركة في أعمال القمة بوفد رفيع المستوي, إلا أن الرؤية الثاقبة للرئيس مبارك هي التي تعطي دائما البوصلة الصحيحة للتعامل مع الملفات والقضايا الشائكة والمعلقة وفي وقت بالغ الخطورة بالنسبة لمجمل الأوضاع في المنطقة. لذلك فمن الصحيح تماما القول إن القمة تأجلت رغم انعقادها, وحتي الكلمات التي قيلت في الجلسة الافتتاحية لم تخرج عن كونها رسائل للشارع العربي أكثر منها تداولا لبنود جدول الأعمال. وكان لافتا قصر فترة الجلسات والاجتماعات وعلي وجه التحديد الجلسة الختامية التي لم تنته مثل المعتاد من حيث الشكل والمضمون. وللإنصاف نقول إن قرار التأجيل الذي تمت صياغة عباراته بما يوحي بوجود صلة مع بعض المقترحات المتعلقة بتطوير آليات العمل العربي المشترك وأيضا ما طرحه الأمين العام للجامعة بخصوص الحوار مع دول الجوار العربي, وهي أمور سابقة لأوانها من حيث اتفاق القادة والزعماء علي عقد قمة استثنائية من أجلها, إلا أن الأساس في التأجيل هو اتاحة الفرصة لمشاركة عربية واسعة ومن الدول الرئيسية التي تؤدي بالفعل المهام الكبري علي الساحة العربية ونقصد هنا تحديدا مصر والسعودية دون انتقاص أو التقليل من شأن بقية الدول. كما أن التأجيل يعطي مساحة زمنية مطلوبة للتعرف علي الملامح النهائية لتوجه الإدارة الأمريكية في التعامل مع الحكومة الإسرائيلية الحالية التي ترفض دفع استحقاقات السلام, وأيضا للتأكد من عدم توجيه ضربة عسكرية إلي إيران سواء من إسرائيل أو الولاياتالمتحدة, وحتي سبتمبر سيكون الأمر واضحا ومحسوما. [email protected]