منذ تولت السيدة فايزة أبو النجا منصبها في وزارة التعاون الدولي عام2001 لمع أسمها ليس فقط لأنها وزيرة ملف المعونات والتنمية بل لأنها شخصية قوية ذات حضور, تقابلت معها في جولتها الخليجية الأخيرة. وناقشت معها قضية تطوير الصندوق الاجتماعي للتنمية والنهوض بالمشروعات الصغيرة ولاحظت مدي تمكنها من عملها, لكن قضيتنا معها اليوم أخطر وأكبر. ليعرف الجميع أن ملف منظمات حقوق الإنسان من أصعب الملفات علي الاطلاق لما له من خلفية قانونية وعلاقات متداخلة, فمن ناحية.. وكما وصفته شخصيا من قبل هو بالتأكيد حصان طروادة في معركة الاستعمار الغربي الجديد, يوظفه في خدمة مصالحه وإعادة وضع قواعده داخل الدول التي تحاول الخروج من عباءته, ويقوم فيه الإنسان الغربي ومنظماته بمهمة الدفاع عن حقوق المواطنين بشكل استعلائي متدخلا في شئون الدول بشكل لا يتناسب مع ما تحقق في هذه الدول من تنمية وتطوير للمواطنين, وتنمية قدرتهم في الدفاع عن حقوقهم, ومع اعترافنا بأن التمادي في الإنتهاكات والاستعباد من قبل بعض الانظمة القمعية بحجج الحفاظ علي الاستقرار وأمن المجتمع, يفتح المجال أمام التدخل الخارجي, فإن خلط الاوراق من قبل بعض العاملين في المنظمات بهدف الحصول علي أدوار ومكاسب شخصية شيء لا يمكن قبوله, ومن غير المقبول كذلك ان تقوم دولة تعتبر نفسها عظمي بتمويل مجموعات ايا كانت أوضاعها, مسجلة أو غير مسجلة بطريقة مباشرة ومن خلف ظهر الحكومات التي تدعي في العلن أنها شريكتها وحليفتها وتغضب عندما تريد هذه الحكومات ترتيب الأوضاع الخاطئة! والكارثة أن نجد أصواتا من المنظمات المصرية التي تدعي دفاعها عن حقوق الإنسان تدافع عن هذا الخطأ والفساد. والملفت هو ذلك الإصرار علي التمادي في الخطأ وتصريحات كبار المسئولين الأمريكيين والرئيس الأمريكي نفسه, بالاستمرار في دعم منظمات المجتمع المدني, سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة. إن ما تقوم به الإدارة الأمريكية يضرب بكل القوانين عرض الحائط, ويكفي التذكير بأن اتفاقيات غسيل الأموال التي تم توقيعها في مختلف دول العالم تفرض مراقبة البنك المركزي لعمليات تحويل الأموال لمنع غسيل أموال وتمويل الارهاب, واحدي توصيات للجنةFATF وهي خاصة بمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب, تنص كل بلد يراجع كفاءة القوانين والأنظمة المتعلقة بالمؤسسات التي يمكن إساءة استغلالها لتمويل الإرهاب وتعتبر المنظمات الأهلية بصورة خاصة عرضه لذلك, وعليه التأكد من عدم إسادة استغلال هذه المنظمات من جانب المنظمات الإرهابية القائمة كمؤسسات شرعية, وعدم استغلال المؤسسات الشرعية لحجب أو إخفاء الغرض السري, من وراء تحويل الأموال هذه التوصية تعني أن الحكومة ملزمة بأن تراجع القوانين وتضيق الخناق علي التحويلات المشبوهة وأن تضع آلية واضحة للمراقبة. فجميع الدول الخليجية مثلا لديها لجنة وطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب يرأسها محافظ البنك المركزي تنسق جهود متابعة التحويلات ومصادرها والمستفيدين منها, تم تأسيسها فقط نتيجة الضغط الامريكي علي المنطقة بعد11 سبتمبر2001. الحكومة المصرية تقف في هذا الملف مع الشعب ومصالحه العليا بوضوح وتضع الوزيرة في المواجهة, والشيء الذي يجب الاشادة به هو صراحة الوزيرة وقوتها التي عقبت علي كل الاتهامات التي وجتها إليها بأنها تفخر بأنها كانت تعمل في منصبها منذ عشر سنوات, وأنها كمواطنة مصرية ترفض هذا الأسلوب في الحديث. وهي سيدة محترمة يجب أن نحييها ليس فقط علي صمودها في وجه مروجي الديمقراطية الزائفة في العالم, وليس فقط لانها مستمرة في منصبها بجدارة الإنجاز والكفاءة, ولكن لأنها أشجع من كثير من الرجال الذين خرجوا علي الملأ ينكرون معرفتهم أصلا بمبارك الوزيرة فائزة هي بحق بنت جريئة من بلدي تستحق التحية والمساندة, وتثبت أن المرأة المصرية جديرة بأي منصب وأن علينا أن نعيد النظر في سبل إتاحة الفرصة أمامها للإبداع والمشاركة في بناء الوطن.