لم تغب شمس السياسة في بطولة كأس الامم الافريقية خلال نسختها الثامنة والعشرين.. السياسة والقادة والحكام تواجدوا في كأس الامم الأخيرة منهم من تعامل مع كرة القدم في وضعها الصحيح, ومنهم من استفادة منها في احداث طفرة في بلاده والترويج لها ومنهم من لجأ إلي المكافآت المالية. العديد من الاسرار والاحداث المثيرة عاشتها بطولة كأس الامم الافريقية في نسختها الثامنة والعشرين التي اسدل الستار عنها في غينيا الاستوائية. البداية من مايكل ساتا الرئيس البطل الان بحكم فوز منتخب زامبيا بلقب كأس الامم الافريقية للمرة الأولي في تاريخها, وبحكم ايضا توليه رئاسة الجمهورية في بلاده. مايكل ساتا يعد بطلا مجهولا في موقعة الفوز علي كوت ديفوار بركلات الترجيح في المباراة النهائية بعدما اقدم علي خطوة لم يقدم عليها المخلوع عندما استضافت مصر بطولة كأس الأمم الافريقية عام2006 او خلال مشوارها في بطولتين تاليتين ماقام به, مايكل ساتا بعد الفوز علي غانا بهدف مقابل لاشيء في الدور قبل النهائي وتأهله للختام لأول مرة في تاريخه, حمل ورسالة انسانية فهو لم يقدم وعودا مالية إلي لاعبيه في حالة الفوز بالكأس القارية لأول مرة, ولم يلوح بالاوسمة كمكافآت مغرية ايضا, بل طالبهم بان ينظروا إلي مواطنين زامبيين لقوا حتفهم في حادث طائرة مروع وهم نجوم منتخب زامبيا الذين لقوا حتفهم في الجابون عام1993 قبل اداء مباراة في تصفيات كأس العالم وقتها. وحث مايكل ساتا لاعبي المنتخب علي ضرورة الفوز لاهداء اللقب علي ذكري النجوم القدامي الذين لقوا حتفهم لتقديم انجاز لبلادهم علي صعيد كرة القدم. ما فعله مايكل ساتا, لم يفعله مبارك عام2006 عندما وقعت حادثة العبارة الشهيرة, ومصر تستضيف كأس الامم الافريقية ولم يظهر له تصريح يطالب فيه علي المثال لاعب المنتخب بالفوز من أجل ذكري ضحايا العبارة. وحدث هذا بينما كانت التبرعات المالية تخرج من لاعبي المنتخب وفي مقدمتهم احمد حسن تحديدا بصورة معلنة, ودون ان يظهر تصريح رسمي واحد لمواساة الشعب عبر كرة القدم. وعودة مرة اخري إلي مايكل سا رئيس زامبيا الذي اصدر قرارا بعد تأهل المنتخب إلي دور الثمانية, نشرته صحيفة زامبيا ديلي ميل ينص علي ترقية قائد المنتخب كويستوفر كاتونجو إلي رتبة ضابط من الفئة الأولي تقدير له علي الجهود التي قام بها لخدمة الوطن في مشوار كرة القدم. ولم يجر منح كاتو نجو هذه الترقية مصادفة او تجاوزا لزملاء له في الفريق أو مجاملة, بل جاءت ترقية قائد المنتخب بناء علي قرارري يس الجمهورية لعمله في الجيش الزامبي منذ عام2001 وقبل ان يصبح نجما في عالم الكرة والتحق به وهو لايزال في السابعة عشرة من العمر. وخلال الساعات الأخيرة ظهر قائد دولة افريقية أخري في الصورة, وهو العاهل المغربي محمد السادس الذي كان أول المهنئين, لمايكل ساتا علي فوز منتخب زامبيا بالفوز واحراز لقب كأس الامم الافريقية لاول مرة في تاريخه عبر برقية رسمية. العاهل محمد السادس, وهو بطل الاحداث الكروية والسياسية الآن في بلاد المغرب, بعدما خرجت تظاهرات شعبية بدأت منذ الحادث والثلاثين من يناير الماضي, وتدعوه إلي تعيين بادو الزاكي مديرا فنيا للمنتخب المغربي بوصفه المدرب الذي حقق اخر انجاز للكرة المغربية من خلال التأهل بأسود الاطلسي إلي نهائي كأس الامم الافريقية عام2004 واقالة البلجيكي ايريك جيريتس من تدريب المنتخب. وهناك حملات يقودها مشجعو المنتخب المغربي عبر الفيس بوك ظهرت في الاسبوع الأولي لفبراير تدعو العاهل المغربي إلي اصدار قرار ملكي باختيار الزاكي مديرا فنيا للمنتخب قبل انطلاق منافسات التصفيات المؤهلة إلي نهائيات كأس الامم الافريقية أو التصفيات المؤهلة لكأس العالم في البرازيل العام بعد المقبل. وخلال الساعات الأخيرة برز اسم قيادة سياسية اخري في افريقيا نجحت في استغلال كرة القدم والاقتراب منها في تحقيق مكاسب مالية لبلاده وهو علي بونجو اونديمبا رئيس الجابون الذي أعلن عن استثمار مشروعات بنية تحتية تصل قيمتها إلي18 مليار دولار12 الف مليار فرنك جابوني خلال5 اعوام مستفيدا من انتعاش السياحة في شواطئ الجابون خلال فترة اقامة بطولة كأس الأمم الافريقية التي استضافت بلاده مباريات المجموعتين الثالثة والرابعة بالاضافة إلي مباريات ابرزها النهائي. واستغل بونجو الامم الافريقية في الترويج للسياحة الشاطئية في الجابون, فهو لم يتدخل بصورة مباشرة عبر كل تصريحاته في مشوار منتخب الجابون, خلال البطولة خاصة عندما تأهل المنتخب لدور الثمانية بثلاثة انتصارات متتالية علي النيجر وتونس والمغرب أو بعد الخروج امام مالي بل ظهر بتقديم دعاوي لاستضافة رموز الكرة العالمية في الجابون يتقدمهم بيليه اسطورة الكرة البرازيلية الذي حضر إلي الجابون بدعوة شخصية وجرت الاستفادة من نجوميته في الدعوة لكرة القدم واكتشاف النجوم والمواهب في مدارس الجابون, وايضا تمت دعوة نجوم اخرين امثال صامويل ايتو هداف الكاميرون وانجي الروسي الذي حضر بدعوة من علي بونجو هو الآخر. تيودورو اوبيانج رئيس دولة غينيا الاستوائية كان اكثر الرؤساء اثارة للجدل خلال كأس الامم الافريقية الأخيرة التي بلغ فيها منتخبه الوطني دور الثمانية لأول مرة في تاريخه, وتعرض لهجوم لاذع من قبل جمعيات حقوقية غير حكومية بسبب تصرفات نجله. وبدأ الجدل حول رئيس غينيا الاستوائية قبل ساعات من مباراة افتتاح البطولة التي كانت تجمع بين غينيا الاستوائية وليبيا وخلالها ظهر نجيبا نجل رئيس الجمهورية ليعلن عن تقديم مكافآت مالية قدرها مليون دولار إلي لاعبي المنتخب والطاقم الفني في حالة الفوز علي ليبيا. وكان تلك هي أكبر مكافأة ترصد في تاريخ الكرة الافريقية عن مباراة واحدة, وكان مبرر نجل رئيس غينيا الاستوائية هو تحفيز اللاعبين لاسعاد الشعب في أول بطولة قارية تقام علي ملعبهم في التاريخ والمثير انه رغم الفوز وانشغال الشعب بالاحتفالات الصاخبة خاصة بعد الفوز بعدها ايضا ب3 ايام علي السنغال وتأهل غينيا الاستوائية إلي دور الثمانية لاول مرة في تاريخه هاجمت تقارير صادرة من جمعيات حقوقية غير حكومية تشكك في مصادر نجل الرئيس, وتطالب بالكشف عن مصادرها خاصة مع ضخامة المكفأت المالية المرصودة إلي اللاعبين وقدرها مليون دولار في مباراة واحدة, ظهر تيودورو نفسه في الصورة, بإعلان مثير اخر للجدل خرج من القصر الرئاسي والحكومة يفيد بالتوصل إلي اتفاق مع البرازيلي جيلسون المدير الفني للمنتخب وبطل الانجاز علي توقيع عقد مع الاتحاد يتولي خلاله تدريب المنتخب الغيني لمدة عام كامل يقوده فيها خلال التصفيات المؤهلة إلي نهائيات كأس الامم الافريقية المقبلة في جنوب افريقيا والمقرر لها في يناير.2013 وقبل مباراة دور الثمانية امام الافيال, خرج رئيس الدولة نفسه, ليعلن عن تخصيص مكافأة مالية ضخمة للاعبين في حالة الفوز علي كوت ديفوار والعبور إلي الدور قبل النهائي, ولكن لم يحقق المنتخب شيئا هذه المرة وتلقي خسارة كبيرة بثلاثة اهداف مقابل لاشيء وودع المنافسات. وتلقت منتخبات مثل غينيا الاستوائية دعما حكوميا كبيرا ولم تحقق شيئا في البطولة مثل منتخب غانا الذي احتل المركز الرابع في البطولة وفشل في استعادة اللقب القاري البعيد عن غانا منذ عام1982 منتخب غانا وجد دعما رئاسيا من القيادة في بلاده طوال البطولة, وصلت إلي حد زيارة جون دراهامي نائب رئيس الدولة لمعسكر المنتخب قبل خوضه لاولي مبارياته في البطولة امام نظيره البتسواني في المجموعة الرابعة وتأكيده توفير الاحتياجات المطلوبة لتقديم بطولة قوية واحراز اللقب. بل ان التقارير التي خرجت من معسكر المنتخب الغاني تحدثت عن عقد نائب رئيس جمهورية غانا اجتماعا مع اللاعبين وطالبهم بصورة مباشرة في عدم التفريط في اللقب الذي بات مطلوب خاصة وان الدولة قدمتت لهم دعما كبيرا وصل إلي حد استقبالهم ابطالا عندما عادوا من جنوب افريقيا في صيف عام2010 عقب تأهلهم إلي دور الثمانية لكأس العالم في جنوب افريقيا. في المقابل كانت التهاني بالانجاز الغائب من42 عاما هي أول ظهور لرئيس دولة اخري في عالم الكرة الافريقية وهو عمر البشير رئيس دولة السودان الذي حرص علي تهنئة لاعبي المنتخب السوداني ومديرهم الفني محمد عبدالله مازدا بالفوز علي بوركينا فاسو بهدفين مقابل هدف في ختام مباريات المجموعة الثانية وتأهل منتخب السودان إلي دور الثمانية لاول مرة منذ42 عاما. والمثير ان البشير فاجأ الجميع بمفاجأة مدوية عقب الفوز تمثلت في دخوله في رهان فاز به مع رئيس دولة بوركينا فاسو خلال حضورهما مؤتمر القمة الافريقية بأديس ابابا في اثيوبيا قبل اللقاء. وتمثل في تحقيق منتخب السودان الفوز علي بوركينا فاسو في البطولة القارية. وحرص رئيس السودان علي ايفاد وزير الرياضة إلي مطار الخرطوم ليكون في مقدمة مستقبلي بعثة المنتخب عقب نهاية مشرارهم في البطولة بعدما خسروا امام منتخب زامبيا المتوج بطلا للبطولة بثلاثة اهداف مقابل لاشئ في الدور ربع النهائي. ومن الحواديت المثيرة ايضا ما ررده البرتغالي باولو دوراتي المدير الفني لمنتخب بوركينا باسو الذي خرج من الدور الأول للبطولة, وعقب الخسارة امام منتخب كوت ديفوار بهدفين مقابل لاشئ في الجولة الثانية, وتأكد خروج المنتخب رسميا, تحدث دوراتي عن تعرضه لضغوط وتدخلات من مسئولين كبار حاولوا املاء التشكيلات والتغييرات عليه وهو ما رفضه وبل ولوح بورقة الرحيل وعدم تجديد عقده مع الاتحاد البوركيني لكرة القدم لعامين مقابلين بالرغم من اتفاقه قبل بداية البطولة علي التمديد بعد نجاحه في الصعود بالمنتخب, إلي البطولة القارية مرتين متتاليتين وبناء جيل جديد من اللاعبين. ولم يعلق مسئول الاتحاد البوركيني علي تصريحات المدير الفني البرتغالي. ومن الاحداث المثيرة التي عرفتها بطولة كأس الامم الافريقية ايضا شائعة حضور الساعدي القذافي نجل معمر القذافي برفقة منتخب النيجر البلد التي لجأ اليها سياسيا, برفقة المنتخب بل هناك من تحدث عن مشاركته في البطولة برفقة المنتخب, وكانت شائعة اثارت ازمة ساخنة في غينيا الاستوائية ودفعت برجال الشرطة الغينية لفرض حراسة امنية مشددة علي بعثة المنتخب الليبي قبل ان يكتشف انها مجرد شائعة وان الساعدي لم يخرج من النجير لمر الايام وتكتب اخر ايام امم افريقيا, تحديد سلطات النيجر, اقامة الساعدي بسبب تصريحات عدائية للنظام الليبي الجديد.