تكثر الآراء والاجتهادات حول ما يجب القيام به لتحقيق النهضة المصرية المنشودة في جميع المجالات, وتتيح وسائل الإعلام الفرصة أمام عدد هائل من السياسيين والباحثين والمسئولين للحديث عن خطط وبرامج مقترحة للوصول بمصر إلي المكانة اللائقة بها بين الأمم المتقدمة. وهذه الاجتهادات تذهب في مجملها ادراج الرياح بمجرد الطرح الإعلامي, خاصة ونحن نعيش كثافة الأحداث والتطورات المتلاحقة التي لا تترك مساحة للمستقبل, وإنما تتعامل مع أزمات الحاضر محاولة السيطرة عليها والخروج منها بأقل الخسائر. والأمر المؤكد أن دولة بحجم مصر وشعبها ودورها أكبر بكثير من أن يملك شخص أو جهة واحدة مهما تكن أن تقرر الوصفة الصحيحة المطلوبة لتجاوز المشاكل والتحديات الراهنة, فضلا عن خريطة الطريق للمستقبل الذي نتطلع إليه, وهذا يستدعي ثقافة جديدة للمشاركة في صنع الحاضر والمستقبل والتوافق علي ملامح النهضة التي يتحدث الجميع عنها بوجهات نظر مختلفة. والأجدي أن تجري الدعوة إلي مؤتمرات متخصصة يناقش واحد منها ما يرتبط بالزراعة, والآخر الصناعة والثالث للسياحة, وهكذا في بقية الملفات السياسية والاقتصادية والثقافية التي تمس حياة الوطن والمواطن. والمعني الأهم في ذلك كله أن تختفي من حياتنا الفردية في اتخاذ القرارات, خاصة إذا كانت مصيرية ومرتبطة بمشروعات بعيدة المدي وتؤثر علي الحاضر والمستقبل معا. والأمثلة لا تعد ولا تحصي حول المشروعات الكبري التي تنفق عليها المليارات والمدن الجديدة وتوصيل المرافق وخطوط المترو وغيرها من أمور تتعرض للاهتزاز في حالة تغيير المسئول, ولكن وجود خطط متفق عليها من خلال الخبراء و المتخصصين ويجري اعتمادها رسميا, فإن الالتزام بها يكون اجباريا بصرف النظر عن اسماء القائمين علي الحكومة والوزارات والجهات التنفيذية العليا. مشروع النهضة القادم يجب التوافق عليه ولا يستهدف مشروعا معينا, وإنما ينطلق بثقافة جديدة تفسح المجال للشراكة في التخطيط وبعدها يكون الالتزام والمحاسبة.