كثيرا ما اختلفت مع آراء تم التعبير عنها علي موقع إسلام أون لاين, لكني كنت دائم الزيارة للموقع الذي طالما استجبت للأسئلة التي كان يطرحها علي محرريه. عرفت بعض من عملوا في إسلام أون لاين بنسختيه العربية والإنجليزية.فكانوا شبابا رائعين لهم أرواح يقظة وعقول خلاقة. إسلام أون لاين كان مشروعا فكريا بقدر ما كان موقعا إخباريا. مشروع الوسطية الإسلامية التي عبر عنها إسلام أون لاين هو قضية بقاء بالنسبة للمسلمين في العالم, فالمسلمون المنقسمون بين غلاة ومفرطين لا مخرج لهم إلا بالاستقرار عند الوسط. مرة أخري, لم أتفق مع كل ما جاء علي موقع إسلام أون لاين, لكني وجدت فيه اجتهادا فكريا بناء, وليس مجرد اجتهاد قد يصيب صاحبه أو يخطئ. مشروع إسلام أون لاين ومعه مشروع الوسطية الإسلامية يتعرض الآن لهجمة خطيرة علي يد المحافظين المتشددين المدعومين من دولة قطر. تبنت الحكومة القطرية مشروع إسلام أون لاين ونصبت علي رئاسته الشيخ المصري الدكتور يوسف القرضاوي. تغير اتجاه الريح في الدوحة ولم يعد الشيخ القرضاوي وأفكاره علي هوي أهل الحكم في قطر, ربما بسبب مصريته كما يعتقد البعض, فنزعوا الرجل من رئاسة الجمعية المالكة للموقع بأموال الحكومة القطرية, وسلموا الجمعية والموقع لعناصر متشددة في الدين كما في السياسة. كسب المتشددون موقعا جديدا, لكن هذا لن يحدث فارقا كبيرا لأن لهم أصلا عشرات المواقع والمنابر. خسر الوسطيون موقعا من بين المواقع القليلة التي لهم, فخسارتهم أعظم بكثير من كسب المتشددين. توجهات الإخوة في قطر تصيبك بالحيرة, فأنت لا تعرف بالضبط لأي جانب يميلون. فمرة يقدمون أنفسهم علي أنهم دعاة للتحرر والانفتاح, ومرة أخري تجدهم متشددين متطرفين, ومرة ثالثة تجدهم راديكاليين علي الخط الإيراني, وطول الوقت تجدهم حليفا قويا للولايات المتحدة. لا ترهق نفسك كثيرا في محاولة فهم تقلبات السياسة القطرية, فليس في قطر دولة قطب لها مصالح وتوجهات ثابتة, ولكن في قطر لاعب في ساحات السياسة يقرأ اتجاهات الريح فيتبعها, ويبحث لنفسه عن دور عادة ما يجده في مكان ما عند مساحات الخصام بين الأقطاب الأكثر ثباتا واستقرارا.