رغم سروري بمسيرة ديمقراطية مرحلة الانتخابات الثانية التي يجب أن نحميها, فإنني لا أجد من الكلمات ما أسطره لأن مشهد قلب القاهرة الآن يحتاج إلي توضيح من مختلف الأطراف بدلا من نصائح لا تقدم حلا للموقف المتكرر تقريبا بمعدل متسارع. أليس في إحالة القضية لتحقيق ثوري الآن والدماء سارية بارقة أمل في حل ؟ ورغم ضبابية المعلومات المتوفرة عن الخريطة الأمنية في مصر فإننا نلاحظ إيجابية نزول الشرطة المدنية في أماكن عديدة عدا قلب العاصمة وأتساءل لماذا؟ قد نعذر الشرطة العسكرية في قوتها ولكن ليس من المفترض أن تصل الدرجة إلي الصورة التي شاهدناها لتستفز تعاطف العامة. في هذا الموقف المعقد بدا لي أن الجميع يتعلمون فينا وكأننا فئران تجارب, وقفز إلي ذهني قول أينشتين: إذا كانت لدي ساعة من أجل حل مشكلة ما أقضي55 دقيقة في التفكير في المشكلة وخمس دقائق في الحل. ولا أظن أن من بيده مقاليد الأمور قد بذل الجهد الكافي في دراسة قضية الوطن! مشهد وسط العاصمة يدمغ الجميع وبات علينا معرفة ماذا نفعل كأفراد وكجماعات بدلا من انتظار النتائج ثم القفز علي أكتاف الدماء. بات علينا أن نحاول استقراء الصورة عبر لقطاتها المتقطعة لنكون رأيا أقرب إلي الصواب من خلال معرفة من المستفيد من التدهور الأمني الحالي والمتجدد؟ أيمكن أن يستسلم الحرس القديم بكل آلياته التي وصلت إلي مليون عضو حزب ويقنعوا بالعهد الجديد؟ وهل خلا الشعب من بلطجية ومفسدين لا يسرهم تنظيم الدولة بأي شكل, يميني أو يساري؟ هؤلاء لا ولن يقتنعوا بناعم الحديث, ولعل بعضهم لن يقتنع أبدا. ولكن القبضة الحديدية بالحق والعدل المتزامنة مع القدوة كفيلة بتغير الصورة, وهما للأسف مفتقدان فلم نكن حازمين في تعاملنا مع أول مطلب فئوي ولم نقدم علي أي إصلاحات هيكلية ولم نتقدم كقدوة في أي عمل لنزرع الأمل في نفوس شعبنا! وبتنا مع كل أمل في التغيير نصاب بالإحباط برؤية الحرس القديم في كل تغيير وكأن مصرنا قد عقمت! وأتساءل لماذا لا نحاكم مرتكبي أعمال البلطجة والفساد أمام محكمة ثورة؟ ولماذا يخرج علينا قانون للفساد يضمن للمفسد فسحة من الوقت تحت قانون الإجراءات للتنصل من أفعاله؟ ولماذا يخرج علينا المتحدث الرسمي بإدانة بعض الفصائل ويحجب عنا الأدلة؟ ولماذا لم تقم المباحث والمخابرات بعملهما للذود عن الوطن قبل اندلاع النيران؟ أتذكر وقت تغيير شكل لوحات أرقام السيارات أن تساءلت عن السبب وهل الأمر محض فساد؟ وتكشف لنا الأيام أبعاد ذلك الفساد المادي باستيراد لوحات لها بديل مصري بأضعاف تكلفة مثيلاتها,و بتغييب هوية السيارة عن الشخص العادي معرفياولغويا ببذر شكل لغوي غريب لتراكيب حروف عربية لا تكتب مفردة لنعتاد عليها ونصل إلي ما تنادي به البعض من كتابة العربية بحروف مقطعة مع تطويعه مستقبلا ليكون أقرب لشكل اللاتيني. أتذكر أننا تساءلنا في غمرة البحث في الأمر عن مغزي التجهيل المعرفي لهوية السيارة فكان الرد نحن نعرف وكفي وهو كفيل بلجم الألسنة عن ذلك الفساد الذي تورط فيه عليه القوم! أتمني ألا نكرر المسرحية نفسها بمعطيات أخري!.