تضن عليه بالعطف والحنان استجابة لنصيحة والدته وهي تحتضر, فكانت تقتسم كل ما تأتي به لابنها معه كي لا تشعره بأنه في الصف الثاني من اهتماماتها, إلا أنه وبعد أن اشتد عوده لم يكن سندا حاميا لها في كبرها وشيخوختها بل كان أول من طعنها رغبة في سرقتها لمتفاصيل الجريمة البشعة سجلها محضر بقسم شرطة دار السلام بدأت تفاصيله منذ17 عاما عندما وضعت حمدية25 سنة مولودها الأول من زوجها محمد35 سنة الذي لم تكتمل فرحته بالوليد مصطفي حيث داهمت آلام الولادة الأم ولم تستطع تحملها فصعدت روحها إلي بارئها.. ادرك الأب أن طفله بمثابة الفأل السييء عليه وعلي حياته المستقبلية فقرر أن يتركه لخالته اعتماد ويبحث عن ملذاته. أحتضنت اعتماد ابن شقيقتها إلي مسكنها بدار السلام وضمته إلي كنفها لتتولي رعايته بجانب ابنها أحمد الذي يكبره بعشرة أعوام. حرصت اعتماد في تربيتها لمصطفي علي أن تلبي كل رغباته واحتياجاته حتي تقتل بداخله الاحساس بالحرمان واليتم فكانت تغدق عليه بالأموال وتشتري له كل ما تقع عليه عيناه قبل أن يطلبه. ترعرع مصطفي علي التدليل الزائد حتي وصل إلي سن ال16 وهو في المرحلة الإعدادية لتتفتح مداركه علي الشهوات وتعاطي المخدرات التي سلبت عقله وإرادته وأصبح عبدا لها, في الوقت الذي كان ابن خالته أحمد27 سنة يراقبه عن كثب في اثناء عودته من المدرسة وخموله عن استذكار دروسه وسهره لأوقات متأخرة فأرشده إلي أن يبتعد عن أصدقاء السوء من ابناء المنطقة الذين يجرونه إلي كل ما هو سييء, إلا أن مصطفي لم يكترث لنصائح ابن خالته المتكررة طالما أن خالته لن تبخل عليه بشيء. تثاقلت اعباء المعيشة علي الخالة اعتماد وأصبح معاش زوجها لا يكفيها وابنيها أحمد ومصطفي, فضلا علي تخلي والد مصطفي عن مسئوليته الأبوية. انصاع أحمد لأمر والدته بترك دراسته في الجامعة للعمل كبائع بأحد المحلات بمنطقة دار السلام كي يساند أمه في مصروف المنزل بينما مصطفي المدلل يعبث بالأموال كما يحلو له. أحست اعتماد بخطورة التدليل الزائد لمصطفي وتأثيره في تبذيره الشديد للنقود التي يمسكها دون احساس من أين جاءت فبدأت تعطيه وفق احتياجاته اليومية وهو ما لم يأت علي هوي مصطفي الذي أصبح منبوذا بين جلسات تعاطي المخدرات والكيف بعد أن أدركوا أنه يأتي للتعاطي فقط دون المشاركة في ثمن المخدر. استحوذت العصبية علي أفعال مصطفي وهجر دراسته بحثا عن رفقاء الكيف الذين اشترطوا عليه دفع نظير ما يتعاطاه. شعر مصطفي بأنه في مأزق وأن تأثير المخدرات الذي يطارده جعل الشيطان يسيطر علي عقله ويدفعه للذهاب إلي منزله وقت ذهاب ابن خالته إلي عمله ليجد خالته مستلقية في فراشها بعد أن انهكتها أعمال المنزل ليعبث بما حولها أملا في أن يجد النقود التي عادة ما تخفيها بجوارها, لتهرع اعتماد من مضجعها بعد أن أيقظتها يدا مصطفي وتنهره بشدة علي سوء سلوكه الذي جعله يعبث بأشيائها وتصفعه علي خده ليستشيط مصطفي غضبا ويحضر سكينا يغرسه في بطن خالته العجوز التي تلقت الطعنات دون مقاومة. لم يدرك مصطفي هول جريمته إلا بعد أن وجد يده ملطخة بدماء خالته مع وقع اقدام دخول ابنها إلي المنزل فهداه شيطانه علي الفور لأن يمسح يديه في ملاءة السرير ويضع بجوارها السكين ويستمر في حالة الذهول وكأنه في صدمة من قتلها, لينهار أحمد من مشهد مقتل والدته. تظاهر مصطفي بأن الحزن يقتطع قلبه وحمل ابن خالته إلي قسم شرطة دار السلام للإبلاغ عن الجريمة لتكشف التحريات التي اجراها رجال المباحث عن هوية القاتل مصطفي الذي لم يتماسك أمام سيل الأدلة التي كانت ضده ويعترف بجريمته النكراء.