كل المؤشرات من حولنا تؤكد أن حكومة الثورة نسيت الرياضة في زحام الانفلات الأمني والمطالب الفئوية.. حكومة الثورة قالت إنها قررت استئناف النشاط الكروي بعد ثورة25 يناير حرصا علي السياحة, وفاتها أن يعرف العالم مرة واحدة بالظروف التي نمر بها بعد خلع نظام حكم فاسد أفضل بكثير من أن يعرف كل أسبوع مرة ومرتين أن البلد غير آمن بحكم ما يري من أحداث شغب وضرب ودم ومطاردة.. ووافقت علي عودة الحياة الرياضية دون أن تدري أن القيادات الرياضية ارتبطت بالنظام السابق وتديره بالعقلية نفسها, وأنه وجب التطهير حتي يتحقق ما تصبو إليه من استقرار أمني واقتصادي, والغريب أنها تصرخ مع كل موقعة دموية في الشارع من الفلول الذين يتورطون في مؤامرات من أجل ثورة مضادة تقوم علي الوقيعة بين الجيش والشعب من جهة, وبين طائفتي الأمة من جهة أخري! وحكومة الثورة هي التي غضت الطرف عن كارثة رياضية تتعلق بخسارة مصر في سباق استضافة دورة البحر المتوسط في عام2017 أمام اسبانيا بفارق صوتين مع أنهم سافروا وصرفوا ودفعوا وأوهموا الشعب أن الدورة لنا لا محالة, فلما تكشف الكذب والادعاء قالوا إن أحداث ماسبيرو هي السبب, وأن إسرائيل وقفت لنا بالمرصاد! ولا أعرف هل صدقت الحكومة هذا الادعاء الكاذب أم أنها ارتاحت للرياضة بسياسة الحزب الوطني المنحل وبإدارة فلوله ؟! أم أنها مؤمنة بهذه السياسة وتراها الأفضل؟! كان النظام السابق يستغل الرياضة في قضاياه السياسية, وعندما تتصاعد موجات الغضب يشكل لجنة لتقصي الحقائق, وكان في قليل من الأحيان حسب الهوي والمصلحة يقيل هذا ويعين ذاك, وما كان هذا بأفضل من ذاك.. ولكن حكومة الدكتور عصام شرف تعاملت علي أساس أن الأمر لا يعنيها, أو وصلها أن الإسكندرية هي التي فازت بتنظيم الدورة فلم تحاول أن تعرف مصير الأموال التي صرفت علي الملف المشئوم, ولم تسأل لماذا خسرنا الدورة التي لم ننظمها منذ عام1951 وذهبت إلي دولة استضافتها في عام2005.. ولم تناقش من الأساس لماذا تنظيم دورة لا تحقق أي عائد مادي للبلد وإن كان هناك عائد معنوي- بل تكلفها ما يتجاوز المليار ونصف المليار دولار.. ولم تطرح للمناقشة فرصة الفوز بالتنظيم وكأننا لم نحصل علي صفر في سباق استضافة نهائيات كأس العالم2010 التي ذهبت إلي جنوب إفريقيا كأول دولة إفريقية, وكأن العالم لم يضحك علينا عندما فكرنا في استضافة الدورة الأوليمبية الدولية وسخروا منا بنسبة التلوث! ألقت حكومة الثورة بالمسئولية علي إدارة خربت الكرة المصرية في المجالس والأندية والاتحادات, وتركت الأيدي تعبث بكل شيء بداية من لوائح قدموها ليحاربوا بها بعضهم البعض بعد أن زالت الحماية عن هذا أو ذاك سواء بالسجن أو الإقالة, فلا اللائحة اكتسبت قوة القانون, ولا هي خلصت علي الفلول, ولا أعرف كيف يترك الحبل علي الغارب لفل يحارب فلا! ليس من المقبول أن تترك ساحة الرياضة لرجال الحزب الوطني المنحل يديرونها علي هواهم ويحاربون بها الدولة الجديدة لما تملكه من قاعدة جماهيرية تستطيع الضغط كما تريد في أي وقت تريد, وليس من المنطقي أن يبقي سمير زاهر علي رأس المنظومة الكروية وهو أحد رجال مبارك ونجليه المخلصين الذين كافأوه بعضوية مجلسي الشعب والشوري, ليلغي الهبوط, ويحطم مسابقة, ويشيع الفوضي,وينتصر للمصالح الخاصة التي بلغت المدي في فجورها! ولا أعرف هل مازال مطلوبا أن تؤدي الرياضة دورها في التغطية علي الأحداث السياسية, وأنه يروق لهم أن يدخل الأهلي في صدام مع حسن صقر بسبب لائحة الثماني سنوات, بالتوازي في صدامه مع اتحاد الكرة بسبب الرعاة في المؤتمرات الصحفية, وما يتبع ذلك من تصعيد إعلامي وقضائي يملكه الطرفان دون مراعاة لاختلاف الظروف, وأن الأمر يمكن أن ينتهي بكارثة تطل علينا برأسها في كل مباراة ومن كل مدرج في أي مباراة كبرت أو صغرت! لم تشغل حكومة الشعب نفسها في يوم من الأيام بالمادة18 ولا مؤامرة القضاء علي الأندية الشعبية, ولا مواجهة غول أندية الشركات التي يئن عمالها من الظلم ويحتجون علي أجورهم التي لا تغني ولا تسمن من جوع, وتركت سمير زاهر ينتصر لسياسة الملايين والسمسرة التي تذهب إلي فئة دون الأخري, بل لم تكلف نفسها الاستفسار عن المعاملة المهينة لبعثتي الأهلي وهليوبوليس في الكويت أثناء مشاركتهما في البطولة العربية لكرة الماء والتي وصلت إلي حد الطعن بالأسلحة البيضاء والحجز في أقسام الشرطة بما لا يليق بكرامة المصري بعد الثورة! لم يكن للحكومة رأي فيما يدور في المصري والاتحاد والإسماعيلي وتركت الديون تأكل في جسدها, وباركت أن يتحكم فيها من يقول إنه يصرف من جيبه وما من أحد يفعل ذلك- وهي السياسة القديمة التي قامت علي تسليم هذه الأندية للأصدقاء والمتعاملين من رجال الأعمال! لم تعد الرياضة في العالم كله الحصة الأخيرة التي يمكن استغلالها في أي عمل آخر, ولم تعد مادة الترفيه, وعلي الدولة الجديدة أن تختار بين هذا النظام القائم علي الهواية والصرف العشوائي دون رابط أو ضابط, وبين عالم الاحتراف الذي يشكل الرياضة كقوة اقتصادية تدر للبلاد دخلا لا يستهان به بدليل الصراع الأوروبي الأمريكي علي استضافة الدورات الأوليمبية الدولية وبطولات كأس العالم والذي تلعب فيه السياسة الدور الأكبر! وما من شك في أن الرياضة المصرية دفعت الثمن غاليا في30 سنة حتي إنها عاشت عمرها كله بالمنشآت التي تم تشييدها في الستينيات, ومنها ما طالته يد الإهمال في طنطا ودمنهور والزقازيق وغيرها من المدن, حتي الأهلي والزمالك ليسا لهما ملعب حتي الآن, ولولا القوات المسلحة التي تصدت للمنشآت العملاقة في برج العرب والسويس والسلام وغيرها لكنها الآن الأقل في إفريقيا كلها مع أنهم لا يتوقفون عن الكلام عن الريادة التي أصبحت تاريخا فقط لا غير! وإذا كان مطلوبا من الحكومة أن تنظر بعين الرضا للرياضة بقانون جديد وسياسة مختلفة, فإنه أيضا مطلوب منها أيضا ألا تتعامل مع فلول الحزب المنحل بحكم القضاء علي طريقة اذكروا محاسن فلولكم لأنه ليست لهم محاسن في الرياضة, وإنما مساوئ جعلتنا نجري للوراء بينما العالم كله يجري للأمام! ولم تعد مشاركتنا في الدورات الأوليمبية من أجل رفع علم البلد والحصول علي الميداليات, وخضعت كل الأمور للمصادفة وأشياء أخري, ونتفرد كدولة وحيدة في العالم تطلب عدد ونوع الميداليات قبل المشاركة في أية دورة وكأنهم لا يعرفون شيئا عن الأرقام, وتحولت البطولات والدورات الدولية والإقليمية والقارية إلي فرصة للسفر والمتعة وتشغيل الأقارب وتهريب المصريين إلي أوروبا.. وكم صرفوا من أموال علي بطلات وأبطال وهميين في صورة معسكرات خارجية ومدربين أجانب دون أن يشموا رائحة الميداليات, وكم ضحكوا علي الناس بميداليات إفريقية وعربية لم تأت إلا بعد أن هجرها الأبطال وركزوا فيما هو أهم من بطولات ودورات! ومن هنا, وقبل مزيد من الصرف وإهدار المال العام لابد من الوقوف علي المستويات الحقيقية للمشاركة في دورة لندن الأوليمبية عام2012, ومن قبلها الدورة العربية في قطر نهايات العام الجاري, ومن الأفضل أن تكون المشاركة رمزية بدلا من دورة لا نحصل فيها علي ميداليات وأخري نحصل فيها علي ميداليات بالجملة لغياب الأبطال, وإن كانوا لم يحصلوا علي هذه الميداليات في الدورة الأخيرة بموزمبيق بعد أن ألغت اللجنة المنظمة لعبات التفوق بالنسبة للمصريين! ولعل هذا ما يفتح الطريق لقضية أخري أكثر أهمية, ألا وهي غياب الممثل المصري في المحافل الدولية, وإن وجد فهو فاقد الشيء غير قادر علي الاتصال بالآخر بسبب اللغة وعوامل أخري, وإن أجاد ذلك فضل مصلحته علي مصلحة الوطن, بل منهم من تنكر للجميل وهدد بلده بعقوبات ضد بلده.. فيا دكتور عصام اعزلهم قبل ان يعزلوك!