مراكز البحوث تمثل كيان مجتمع البحث العلمي في مصر وهي علي ضخامة حجمها وتزايد تعدادها لا تقوم اطلاقا بالدور المنوط بها في تنمية الوطن ويرجع ذلك لأسباب خطيرة, بالرغم من أن مجتمع البحوث في بدايته انطلق انطلاقة صحيحة مشرفة في الخمسينيات من القرن الماضي, وكان يضارع في ادائه أفضل المستويات في أوروبا وأمريكا باعتراف قادة البحوث في هذه الدول بفضل علماء أجلاء لن تنساهم مصر أو مجتمع البحوث, ولكن ما الذي أدي إلي التردي الهائل الذي هوي فيه مجتمع البحث العلمي الآن وفي جميع مراكز البحث في مصر بلا استثناء؟ تساؤل لابد من طرحه عله يكون نقطة انطلاق نحو التصحيح في البداية يقول الدكتور عبد المحسن صابر استاذ وخبير كيمياء المنتجات الطبيعية والميكروبية وخبير الانزيمات بالمركز القومي للبحوث ان هناك اختلالا في التركيبة( الديماجوجية) للقوي البشرية إذ أن مجتمع البحث العلمي يموج بأعداد هائلة من كوادر البحث العلمي لا تتناسب مع امكانات البحوث الحالية وحتي المأمول توفيرها, واعتقد انه لا توجد شريحة للبحث العلمي في العالم بأسره بمثل ضخامة تلك التي في مصر, والأهم من ذلك ان نسبة كبيرة غير مؤهلين للمهمة البحثية ويرجع ذلك إلي أسلوب تعيينهم والذي شابه الكثير من الفساد. معوقات وأوضح أن الطوف الهائل من القوي الادارية والتي يعج بها مجتمع البحث عامة والمركز القومي للبحوث خاصة, تزايدت أعدادها عشرة أضعاف ما هو مطلوب بالفعل لتسيير شئون الاعداد الضخمة من الكوادر البحثية, وقصاري القول أنهم يكادون لا ينجزون شيئا ويعوقون كل شيء فساد وأضاف الدكتور عب المحسن أن النقض الواضح في الأجهزة والمعدات والأدوات اللازمة لتنفيذ الابحاث معضلة كبيرة, إذ تعتمد معظم المعامل علي أجهزة من مخلفات القرن الماضي وأغلبها متهالك, وحتي ما يمكن اصلاحه منها يمر بمراحل معقدة جدا يشوبها الكثير من الفساد الإداري وقد تنتهي إلي عدم الاصلاح, وهناك مثال يدعو للغرابة الشديدة وللاستدلال الواضح علي حجم التعويق الممنهج, ذلك أن جهازا مهما تم شراؤه منذ فترة غير بعيدة, يتجاوز ثمنه نصف مليون جنيه ويقوم علي خدمة مجموعة كبيرة من الباحثين وتوقف عن العمل وأوضح أن عند الشروع في تصليحه بدأت إجراءات ادارية متعاقبة ومعقدة قام بعدها أحد متخصصي الاصلاح ليقرر الخلل في الجهاز, والذي اتضح خطؤه مائة في المائة, وبالاتصال بدليل الشركة الموردة وهو إجراء شخصي بحت, تم تشخيص الخلل واتضح أن وصلة مطاطية تهالكت وأن التوكيل يمكن أن يستوردها من الشركة المصنعة بتكلفة2000 جنيه مع ضمان القطعة وتركيبها, وكانت المفاجأة الاعتراض بشدة علي ثمن القطعة وأن شركات محلية يمكنها تصنيع القطعة بسعر أقل بكثير, وبالسير في هذا الاتجاه, طلبت الشركة الخاصة أبعاد هذه القطعة مع عدم ضمان القطعة من حيث الخامات والتركيب, وبعد مرور سبعة أشهر من توقف الجهاز عن العمل, ومن المماطلة والروتين الذي لم ينته إلي شيء, كانت المفاجأة بتجربة شريط لاصق ثمنه خمسة جنيهات ووضعه بديلا للوصلة, وبعدها عمل الجهاز بكفاءة مائة في المائة مما أثار حفيظة القائمين علي الجهاز من الباحثين, ليتأكد أن الفساد الاداري لم يترك مكانا آمنا إلا واقتحمه ليعمل فيه بقوة. بناء وأكد الدكتور عبد المحسن أن منظومة البحث العلمي تحتاج وبصفة عاجلة إلي إعادة بناء باختيار نماذج من الشرفاء الوطنيين من ذوي الكفاءات مؤهلين للعطاء وبتقديم ما هو متاح من الامكانات الضرورية للبدء في أعمال بحثية رائدة يكون هدفها الأول والاخير خدمة المجتمع بعلاج جميع الأمراض والتي نحن في حاجة شديدة لوضع الحلول العلمية لها, ولن يتأتي ذلك إلا بوضع استراتيجية محكمة تمثل ارتباطا وثيقا بين البحث والتطبيق كما تهدف إلي خدمة المجتمع بالمطلق, ويمكن القول وقتئذ ان المنظومة خطت الخطوة الصحيحة والتي تشيع الاطمئنان في نفوس وعاشقي مصر. اننا بدأنا الانطلاق نحو التقدم المأمول والذي لا سبيل للإنقاذ بغيره, ولا يمكن استبدال أي مفردات أخري به علي الأطلاق وأشار إلي أنه يجب عمل نواة لمدينة بحثية نموذجية تشمل المواقع البحثية لجميع التخصصات المهمة والضرورية والتي يحددها الاحتياج الحقيقي, كما تشمل منشأة سكنية لجميع العاملين في هذه المدينة علي أن تكون جميع وسائل الاعاشة علي مقربة منها, إذ من المؤكد أن مردود ذلك علي المجتمع البحثي سيفوق كل التوقعات. ويقول وائل العيلي طالب منحة بالمركز القومي للبحوث ان المعوق المادي لاستكمال الابحاث يعد معول هدم ضد جميع الباحثين بالمركز, ومن الناحية العلمية تعد التجهيزات المعملية بالمركز من أجهزة ومواد كيميائية من أكبر المشاكل التي تواجه الباحث لأن جميع الأجهزة تورد للمركز بدون أي عقود للصيانة, فبمجرد عطل الجهاز يتوقف تماما عن العمل,ويتم اصلاحه علي نفقة الباحثين في الأغلب وفي بعض الحالات يضطر الباحثون إلي شراء بعض الأجهزة علي نفقتهم الخاصة لكي يستطيعوا استكمال وضمان نجاح أبحاثهم. 10 ملايين فقط ومن جانبه يري الدكتور أشرف شعلان رئيس المركز القومي للبحوث ان الإداريين لو أحسن استخدامهم وتوجيههم لن يكونوا عبئا وسيساعدون في العملية العلمية والبحثية ونحن لن نستطيع ان نعمل بدونهم أما بالنسبة لفقر الأجهزة بالمركز فالاعتمادات المالية لا تضمن تحديثها المستمر فالأجهزة الجديدة بعد فترة تظهر أجهزة احدث في الوظيفة وبالتالي تصبح قديمة ونحن نحتاج أن نزيد أعداد الأجهزة في المعامل باستمرار ونحتاج نحو50 مليون جنيه ل14 شعبة بالمركز بحيث من الممكن أن يكون نصيب كل شعبة يعمل بها1200 فرد أو أكثر3 ملايين ونصف المليون وقد يذهب هذا في جهاز واحد وللعلم فالإمكانات المتاحة نحو10 ملايين جنيه للمركز فقط.