ينشر الأهرام المسائي ابتداء من غد مذكرات الفريق سعدالدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر1973 ويسجل فيها بطولات الجيش المصري التي أخذت منحي مختلفا, وتم اختزالها طوال أكثر من ثلاثين عاما في سلاح القوات الجوية علي الرغم من تسجيله أن السلاح الأكثر ضعفا قبيل الحرب كان القوات الجوية, ولهذا: كنت حريصا الا نزج بقواتنا الجوية في معارك جوية غير متكافئة مع العدو. تلقي المذكرات أضواء علي الأبطال الحقيقيين للحرب, من جنود وضباط وتؤكد يقظة الذاكرة المصرية, إذ حاول نظام السادات ومن بعده مبارك طمس الدور الذي لعبه الشاذلي, ومحو تاريخه, ولكن ثورة25 يناير أعادت الاعتبار إلي الرجل الذي يعد مهندس الحرب, والذي ارتفعت صوره في ميدان التحرير, وكان خبر وفاته قبيل الإعلان عن خلع مبارك صدمة للثوار, إلا أن عزاءهم أن الرجل عاش ليري ثورة شعب تزيح أوهاما وأساطير حاول مبارك أن يؤكدها, فانتهت وانتهي معها. مثل الشاذلي في منفاه وسجنه خطرا علي نظامي السادات ومبارك, وجرت مصادرة للرجل ولمذكراته, إلا أنه كان يراهن علي ذاكرة الشعب وكسب الرهان. وقد أتيحت المذكرات التي كتبها الشاذلي في نهاية السبعينيات للقارئ العربي وحرم المصريون من قراءتها, إلا عبر نسخ قليلة تم تسريبها, ولهذا سجل الرجل في نهاية مقدمة الطبعة الثالثة( مارس1983) رهانه علي أن وعي القراء واقبالهم علي ما يكتبه الأحرار من مؤلفين وكتاب وصحفيين وإعراضهم عما يكتبه المنافقون والمرتزقة هو أمضي سلاح لمقاومة القمع الإعلامي. كان مبارك قد حذف صورة الشاذلي من غرفة العمليات خلال الحرب, واستبدل بها صورته بجوار السادات.. وفي عهد مبارك صدر حكم غيابي(1983/7/16) بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات بعد توجيه تهمة افشاء أسرار عسكرية للشاذلي, وفضل الرجل أن يقضي عقوبة السجن علي أن يكتب لمبارك التماسا ليعفو عنه. الآن وقد أصبحت حرب1973 تاريخا فان القارئ والمواطن هما صاحبا هذا التاريخ, ولهذا سجل الشاذلي في الصفحة الأخيرة من مذكراته ان التاريخ لن يرضي هؤلاء الذين يريدون تزييف تاريخ مصر.