حذر خبراء سياسيون من الاضطراب الحادث في الوضع السياسي المصري حاليا وعدم وجود رؤية واضحة لتجاوز المرحلة الانتقالية وبناء نظام سياسي جديد مطالبين الأحزاب والقوي السياسية بضرورة العمل علي تحقيق توافق وطني يسمح بالضغط لدفع الأمور نحو الخلاص من هذا الاضطراب وفرض قوة في مواجهة أي عراقيل أمام الإجراءات السياسية التي تحقق مطالب المصريين وفي مقدمتها برلمان يرسم سياسات المستقبل بداية من وضع دستور جديد يحدد ملامح الدولة في المرحلة المقبلة. يقول الدكتور جمال أبو شنب أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الإسكندرية الأزمة حاليا تتمثل في عدم القدرة علي اتخاذ قرار بإرادة سياسية واضحة في ظل صراع بين القوي المختلفة نتيجة عدم وضوح الرؤية السياسية للمرحلة الانتقالية بالإضافة إلي الظروف التي تمر بها مصر وتتسبب في عدم الاستقرار والاضطراب المستمر مشيرا إلي المخاوف من إعادة إنتاج النظام السياسي السابق إذا تمت الانتخابات البرلمانية المقبلة وفق الوضع الحالي الذي يعطي إشارة الأمان لبعض المنتمين للنظام السابق حيث عدم حسم الموقف بشأن عدد من المطالب الوطنية ومنها تطبيق قانون العزل السياسي لكل من ساهم في إفساد الحياة السياسية. ويوضح أبو شنب أن مجلس الشعب المقبل منوطة به العديد من الإجراءات التي ستحدد مستقبل البلاد وعلي رأسها إقرار دستور جديد مما يتطلب مشاركة وطنية واسعة من كل القوي بحيث يعكس البرلمان القادم روح الثورة وتحقيق مطالب الشعب المصري قائلا إما المشاركة بتوافق وطني يمثل ضغطا دون اللجوء للمظاهرات وغيره أو برلمان سيعكس طبيعة التحالفات الحالية وفق التخبط السياسي وعدم قدرة الأحزاب الجديدة علي جذب الأغلبية الصامتة الأمر الذي يعني إنتاج نظام سياسي جديد بروح النظام السابق وبنسبة تصل إلي80% ودعا أبو شنب الأحزاب السياسية إلي الاجتماع علي رأي فإما المشاركة بالتوافق الوطني أو المقاطعة الجماعية لمنع حدوث إعادة الإنتاج للنظام السابق مرة أخري. ومن جانبه يؤكد جمال سويد وكيل نقابة المحامين الأسبق أن إجراء الانتخابات في أي ظروف وبأي نتيجة هو الحل الوحيد للخروج من المرحلة الانتقالية الحالية والقضاء علي التناحر بين الفصائل السياسية المختلفة موضحا أن من يتحدث عن أي مخاوف أو دعوات للمقاطعة إنما تأتي في إطار حجج واهية تنم عن ضعف مردديها وعدم استعدادهم لخوض الانتخابات أو الحصول علي أصوات الناخبين. وأوضح سويد أنه أيا كانت القوة السياسية التي ستحصل علي أغلبية البرلمان المقبل فلا مبرر للمخاوف بشأن استئثارها بأي قرار حيث الشعب المصري لن يسمح بهذا الاستئثار بالإضافة إلي أن ملامح الدستور وشكل الدولة قد تم وضعها وفق الإرهاصات التي تمت سواء بالتوافق أو الاختلاف علي بعض المباديء الحاكمة وغيرها مضيفا أن توقعاته لشكل مجلس الشعب المقبل تشير الي حصول التيارات الإسلامية علي الأغلبية ولكن بنسبة قليلة وأنه لا مبرر للمخاوف من أي فئة حيث القوام العددي للبرلمان بشكل عام لا يستدعي إقصاء أي فئة سواء فلول النظام السابق أو غيرهم لأن معني ذلك ممارسة وصاية علي الشعب المصري وعدم الإيمان بالثورة من الأساس. ويقول الكاتب الصحفي صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة الخيارات أمام المصريين حاليا محدودة فإما إجراء الانتخابات أو تأجيلها والأخير معناه استمرار المجلس العسكري في ممارسة السلطة وهو ما يلقي معارضة من الكثيرين من النخب السياسية التي توجه انتقادات كثيرة لأدائه كما أنه هو نفسه ضاق ذرعا بها نتيجة عدم اتفاق الفصائل السياسية علي رأي في العديد من القضايا الأمر الذي يحتم اختيار البديل الأول وإجراء الانتخابات لإنهاء الفترة الانتقالية. وأشار عيسي إلي أنه في حالة التأجيل سيظل الخلاف والانفلات الأمني قائمين مما سيؤثر سلبا علي فرصة الأحزاب الجديدة في تكوين قاعدة جماهيرية بعكس إجراء الانتخابات والاستقرار الذي سينتج ممارسة سياسية حتي لو أتت ببرلمان لا يرضي عنه الكثيرون قائلا هذا ليس آخر برلمان سننتخبه كما أن الدستور الذي سيقره يمكن تعديله إذا لم يرضي عنه المجتمع. وعن شكل النظام السياسي المصري القادم في ظل قراءة ملامح مجلس الشعب المقبل أوضح عيسي أن البرلمان ستكون حجر الزاوية به التيارات الدينية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين ككتلة منظمة لكن نسبتهم لن تتجاوز ال20%- علي حد قوله- وهي أعلي نسبة سيأخذها أي تيار كأغلبية مشيرا الي أن الاتجاه الغالب للنظام السياسي فهو النظام المختلط ما بين الرئاسي والبرلماني وأن المؤشرات بين الأحزاب ومرشحي الرئاسة المحتملين في اتجاه بقاء صلاحيات رئيس الجمهورية كما هي.