رغم الخطوات الجبارة التي قطعتها البشرية علي طريق مكافحة مرض السرطان الذي تعد أسبابه أحد أكبر الألغاز في تاريخ العالم. فإن هذا المرض اللعين مازال ينتشر بوتيرة متسارعة وبشكل لايفرق بين فقير وغني وأبيض وأسود. بل ان ثمة نظريات جديدة تتحدث عن ان كل البشرية مصابة بالسرطان لكنه كامن في جسد كل شخص فينا تماما مثل شخصية دراكولا التاريخية, فهناك من الأشخاص من تظهر عليه أعراض هذا المرض جراء التلوث سواء في الماء أو الهواء أو المأكل أو حتي الملبس حيث تبين ان بعض الملابس ربما تكون مسرطنة فيما اشخاص اخرون قد يستيقظ المرض فيهم جراء عوامل نفسية مثل القلق والاحباط والاكتئاب أو بسبب التعرض لاشعاعات وهكذا. قنبلة إحصائية كشف الصندوق العالمي لأبحاث السرطان عما قد يمكن وصفه بقنبلة إحصائية فيما يتعلق بمدي انتشار السرطان في العالم حيث أعلن ان عدد المصابين بهذا المرض قفز بنسبة عشرين في المائة خلال اقل من عشر سنوات فقط, وهذا يعني ان عدد حالات الاصابة الجديدة كل سنة يبلغ الآن12 مليون حالة وهو رقم مذهل بكل المعايير, ويتوقع ان يقفز هذا الرقم إلي26 مليون حالة بحلول عام الفين وثلاثين, وان نحو خمسة وعشرين في المائة من هذه الحالات الجديدة يمكن الوقاية منها. واشار الصندوق إلي ان نحو ثلاثة ملايين حالة من حالات السرطان التي يبتلي بها العالم سنويا مرتبطة بنوعية الغذاء التي يتناولها المصابون وبدرجة نشاطهم البدني واخيرا بالسمنة ومن المتوقع ان يرتفع هذا الرقم ارتفاعا دراماتيكيا, خلال العقد المقبل. فتش عن نمط الحياة يقول البروفيسور مارتين وايزمان المستشار العلمي والطبي في الصندوق العالمي لابحاث السرطان ان تزايد معدلات الشيخوخة في الدول الكبري والتغييرات الكبيرة التي تطرأ الآن علي نمط الحياة في شتي ارجاء العالم تفسر إلي حد كبير الصعود اللافت في معدلات الاصابة بالمرض. وأضاف أن شيوع أسلوب الحياة علي النمط الغربي لايفسر فقط تنامي معدلات الاصابة بالسرطان, وانما ايضا تفشي امراض اخري مثل امراض القلب, والسكر والسمنة وامراض الرئتين. وتابع وايزمان قائلا: إن اناسا كثيرين مازالوا يجهلون ان عوامل مثل تناول المشروبات الكحولية, والسمنة, والتدخين, والتعرض للإشعاعات والموجات التي تصدرها الأجهزة الحديثة تزيد من خطر الاصابة بالسرطان, موضحا ان الآلة الاعلانية العالمية تشجع الناس في شتي أرجاء العالم علي تبني عادات غير صحية. وسوف تكون الأرقام الدولية الجديدة بشأن معدلات الإصابة بمرض السرطان محور اهتمام عالمي واسع النطاق علي الارجح خلال المؤتمر الذي من المقرر ان تعقده الاممالمتحدة هذا الشهر لبحث تفشي الامراض غير المعدية في العالم مثل السرطان والسكر وامراض القلب. جغرافية السرطان وإذا استعرضنا ما يمكن وصفه بالتوزيع الجغرافي لمرض السرطان فإننا قد نفاجأ ببعض الحقائق منها انه لاتوجد اية دولة عربية ضمن قائمة أكثر خمسين دولة في العالم اصابة بهذا المرض, ربما لعدم قيام هذه الدول بإعداد بيانات دقيقة بشأن حالات الاصابة بهذا المرض. وحسب هذه القائمة التي اعدها الصندوق العالمي لابحاث السرطان, فان أكثر دول العالم ابتلاء بهذا المرض هي الدنمارك, ثم أيرلندا, ثم استراليا, ثم نيوزيلندا, ثم بلجيكا ثم فرنسا ثم الولاياتالمتحدة. وفي عام2008 بلغ عدد حالات الإصابة بالسرطان في العالم نحو12.7 مليون حالة, وبلغت حالات الوفاة جراء هذا المرض الخبيث7.6 مليون حالة وفاة. اما المشكلة الكبري في هذا الصدد فتتمثل في ان الدول النامية بها نحو56% من حالات الاصابة بالسرطان, ونحو64% من حالات الوفاة جراء هذا الداء. ويعد سرطان الثدي هو أكثر انواع السرطان شيوعا بين النساء في العالم والأكثر تسببا في حالة الوفاة بينهن, فيما يعد سرطان الرئة الأكثر شيوعا بين الرجال وذلك حسب تقديرات جمعية السرطان الأمريكية. أسباب السرطان ويعزي مرض السرطان في أكثر النظريات العلمية شيوعا إلي تكاثر غبير طبيعي في خلايا جسم الانسان. فجسد الكائن البشري يتكون من مئات المليارات من الخلايا, وفي كل دقيقة تموت مليارات هذه الخلايا, وتستبدل بمليارات اخري من الخلايا الجديدة. وتتكاثر الخلايا الجديدة عبر عملية الانقسام, وهي العملية التي تنقسم فيها الخلية الواحدة إلي اثنتين ثم اربع وهكذا. وتتوالد الخلايا الطبيعية بالمستوي نفسه المطلوب لاستبدال الخلايا الميتة, بينما الخلايا السرطانية تتكاثر ولكن بمعدل هائل وبشكل غير طبيعي يفوق نظيرتها السليمة. قد تكون بعض الاورام غير سرطانية أو غير خبيثة, وهذا النوع من الأورام لاينتشر في النسيج السليم المحيط بها, أو في اجزاء اخري من الجسد, اما الأورام الخبيثة فتغزو النسيج السليم المحيط بها وتتركز فيه, وفي النهاية تدمره تماما. المواد المسرطنة ويقصد بالمادة المسرطنة هي المادة التي تسبب السرطان أو تفاقمه وذلك علي غرار المواد الكيميائية, وبعض اشكال الاشعاع والفيروسات, ويظهر السرطان لدي الأشخاص الذين تعرضوا لمادة أو أكثر مولدة للسرطان لمدة طويلة, وتهاجم المادة المسرطنة الخلايا السليمة وقد ويجعل احداها سرطانية, فينشأ مرض السرطان مع بدء التغييرات في خلية واحدة فقط, ومن ثم ينتقل المرض إلي خلايا اخري. وتدخل المادة المسرطنة إلي الجسد عبر الأنف أو الفم او غيرهما من الثغرات, وقد تهاجم الجسد عبر البشرة, كما ان اجتماع مادتين أو أكثر مولدة للسرطان يزيد من خطر الاصابة بهذا المرض. وعندما يلاحظ العلماء وجود مجموعات معينة من البشر تعاني من معدل اصابة بالسرطان يكون مرتفعا بشكل غير عادي, فانهم يقومون بالبحث عن المواد الموجودة في بيئة هذه المجموعات البشرية التي قد تسبب السرطان, ومن ثم يجرون الاختبارات اللازمة علي الحيوانات في مختبراتهم باستخدام المواد المشتبه بها, فاذا لاحظوا بعدها ان نسبة مرتفعة من الحيوانات تعاني من السرطان, فإنهم يتحققون من ان هذه المواد قد تسبب السرطان. المواد الكيميائية في أغلب الحالات, يدخل المسرطن الكيميائي إلي الأغذية بصفته اضافة غذائية أو عبر استعماله في الزراعة, كما انه عند التخلص من بعض النفايات في المناطق الصناعية تنشر بعض المصانع مواد مسرطنة كيميائية في البيئة, وقد تلوث هذه المواد الهواء أو مياه الشرب. ويعتبر القطران الموجود في دخان السجائر مسرطنا كيميائيا, كما ان بعض المواد الكيميائية الصناعية علي غرار الصبغات, والزرنيخ, والاسبستوس, والكروم, ومركبات الحديد تعد ضمن المواد المسرطنة, بالاضافة إلي بعض المواد الكيميائية المستعملة في الادوية. قد تؤدي بعض المواد الكيميائية الطبيعية الموجودة في الطعام إلي الاصابة بمرض السرطان ان استهلكت بكميات كبيرة, كما ترتبط المواد الغذائية الدسمة بسرطانات الثدي, والقولون, والبروستات, ويعتبر استهلاك كميات كبيرة من الملح والاطعمة المدخنة سببا محتملا للإصابة بسرطان الجهاز الهضمي, بينما يبدو ان الخبز الاسمر والحبوب يقللان من خطر الاصابة ببعض انواع السرطان. وبرهنت بعض الدراسات انه في حال تناول النساء جرعات كبيرة من الهرمونات الاصطناعية المعروفة بالاستروجين والادوية التي تخفف من اعراض سن اليأس( انقطاع الطمث) وذلك من دون استشارة الطبيب, فان هذه الأمور كلها قد تسبب سرطان الرحم, كما انه في بعض الحالات ظهرت اصابات بسرطان الكبد. وقد يصاب الأشخاص الذين يتعرضون لاشعاعات معينة لمدة طويلة بمرض السرطان, علي غرار سرطان الجلد الذي تسببه الأشعة ما فوق البنفسجية. وترتبط بعض انواع اللوكيميا بالفيروسات, لكنها لاتشكل الاسباب الرئيسية للسرطان. كما قد تلعب الوراثة دورا في الإصابة بأنواع من السرطان مثل سرطان الثدي والقولون.
