هم آخر من تلتقي بهم من البشر قبل الجلوس الي الحساب في الآخرة يتسلمونك من أيدي أبنائك وأحبائك, ويجهزونك للحياة في العالم الآخر حيث الجنة أو النار.الجميع يعرفهم جيدا, لكنه يتحاشي ذكرهم. باعتبارهم فال شؤم ألا وهم الحانوتية الذين يعانون من مشاكل متعددة أهمها عدم حصولهم علي رواتب وحرمانهم من الانضمام الي مظلتي التأمين الصحي والاجتماعي وغيرها من الأزمات الحياتية اليومية. في مدافن مدينة نصر اشتكي الحاج أحمد الشامي من طبيعة العمل, والمرتب والتأمين قائلا: أنا تربي هنا من سنة78 ومن وقتها والمكان من غير سور رغم أن القانون بينص علي عزل المقابر عن المارة لذلك نتعرض دائما لسرقة الأموات من الأحواش واترفع علي قضايا كتيرة أخذت براءة فيها لأنه ثبت أنني لم أهمل ولم أسرق, ومع ذلك المشكلة قائمة خاصة وأنني مسئول عن200 مدفن والمساعدون اللي معايا بيمشوا بسبب عدم الأمان في المكان ولأن التربي مالوش مرتب وعايش علي أجرة الدفن أو حسنة الزيارة يعني يتعب ويتعاقب لكن يأخذ حقه من الحكومة لا. ويقول محمد نصر أقوم بشراء مياه وللزرع اللي الناس بتسيبه في عهدتي علشان أرويه لكن الناس لا بتدفع تمن الري ولا لينا مرتب وبندفع فواتير مياه120 جنيها, وكهرباء20, المفروض كتربي أعرف أدفن, وأحرس عملية الدفن عشان ماحدش يدفن في غير مدفنه أو من غير تصريح دفن لكن مش أحرس المكان كله وارعي كمان الزرع دا أنا لو شحات مش هاشتغل24 ساعة والموظف اللي ليه مرتب بيشتغل8 ساعات. جزاءات حكومية ويوضح أن الأزمة الأكبر أن الحكومة لا تعرف غير الجزاءات, اللي بيغلط بيتعاقب بالوقف أو الانذار أو الحبس يعني أرزاقي ومطلوب مني أصرف علي الحكومة وأتجازي منهم. وفي مقابر السيدة نفيسة استنكر عادل غريب وجود قيود علي عمل التربي وقال المحافظة تمنع أن يعمل التربي في أي عمل إضافي لأنه في انتظار إشارة أصحاب المقابر والأحواش الداخلة في حيازته يعني أي وقت فيه ميت لازم تلاقيني, ومع ذلك فيه اللي يديك حسنة وفيه اللي لأ عشان كده أنا بضطر أشتغل جنبها يعني أعمل نصبة شاي تساعد علي المعيشة. الحاج أشرف علي تربي يقول أنا ولادي متعلمون ولديهم وظائف محترمة لكني أعمل منذ30 سنة في هذه المهنة لكنها متعبة وليس لها أي عائد فعندما يجيء الميت والفلوس بتجيلنا من الناس وكل واحد وحسنته فيه اللي بيدي5 جنيهات, وفيه اللي بيدي15 جنيها ولو جيت تبيع حوش مش حتلاقي لأن الدنيا اتزحمت دا حتي الأماكن الجديدة ما ينفعش لأن الحكومة مقسماها. علي العكس أكد محمود عسقلاني مساعد تربي أن المعلم لا يقوم بأي شغل بإيده الصبيان هما اللي بيحفروا ويردموا ويدفنوا ولو خد300 جنيه بيدينا منهما10 جنيهات ولما سألته ليه أجرتك ماتبقاش مقابل عملك وبالاتفاق معاه من البداية قال المعلم أو التربي عارف إني عايزه زي ما هو عايزني وكل معلم بصبيانه يبقي كبير وأنا من غيره ماليش شغل وآهي الحسنة اللي بتيجي بتسد شوية, لكن المشكل إنها مش دايمة يعني ممكن النهاردة ييجي حد تفتح له التربة وتاخد حسنة5 جنيهات ولا10 وبعد شهرين ماحدش بييجي, وكلها أرزاق بس أنت بتنام مرتاح البال غير الناس اللي بتاجر في الترب ويبيعونها ب80 ألفا رغم أن أفخم تربة مش بتتكلف غير15 ألفا والحسنة اللي بناخدها مش لازم بمستوي الناس ودا اللي اتعلمته ممكن واحد شايفه زبون سقع راكب مرسيدس ولابس شيك ويديك10 جنيهات زيه زي أي موظف عادي, وفيه اللي يديك50 وفيه اللي مايدكش فلوس رغم أننا بنصرف علي المكان ميه ونور وزرع وحراسة لأن المسمي الوظيفي لنا في المحافظة خفراء بس الناس خدت علي اسم تربي. الجهد البدني والنفسي الذي يقوم به الصبي أكبر من التربي.. هذا ما أكده الحاج سليمان الشناوي حيث يقول إن الحكومة لا توفر لهم الحماية المادية بمعاشات أو تأمين صحي رغم تعرضهم لأمراض خطيرة ومعدية وعلي رأسها الطاعون خاصة لو ميت جه علي ميت جديد التربة بتكون مانشفتش والعضم لسه ما اتحللش فأحيانا ننزل نلاقي الجثة منفوخة والدود طالع منها ويبقي الواحد خايف يقرب لها تنفجر في وشه, مجرد التعامل مع جثة أمر مفزع فما بالك مع عدم وجود حماية لنا. تجارة في القديم ولفت عماد خميس الي أن التجارة في المدافن القديمة موجودة خاصة أسفل الجبل وفي الجديد كله, ويقول التربي بيتعين علي أرض فاضية, لكن مع الوقت الحكومة بتنسي إن فيه شوارع جانبية وتلك الشوارع يقوم التربية بتقسيمها وبيعها ومهمة التربي الأمين أن يحافظ علي أرض الدولة ولما حد يسيب مدفنه يخطر المخافظة حتي تقوم بتخصيصه لآخر, والتربي لابد أن تكون جميع أوراقه سليمة فلا يقوم بالدفن إلا بعد الإطلاع علي تصريح الدن وشهادة, وأيضا لا يقوم بالترميم إلا بعد استئذان صاحب الرخصة والمهندس. وعن تنظيف التربة يقول حسن سيد إن ذلك يحدث مرة كل10 سنوات أو حينما تمتلئ بالعظام ويصعب الدفن فيها فنقوم بعمل حفرة أسفل التربة لوضع العظام بها لكن فتحي عبده يسعي وآخرون الي تحويل رابطة التربية الي نقابة ترعي مصالحهم خاصة أن الرابطة لا تقدم خدمات سوي إقامة جنازة العضو بها دون أن تدافع عن حقوق الأعضاء لأنها ليست لها سلطة النقابة. زيارة الجدود من أمام مدافن الإمام الشافعي حدثنا سعيد أبو رمضان عن اختلاف زوار زمان عن دلوقتي, وبالتالي المعيشة قائلا الناس زمان كانت تدفن الميت وتزوره كل يوم جمعة فيما عدا الجمعة الرابعة وفي المواسم بييجوا ومعاهم أكل للتربي فكانت الدنيا ماشية, دلوقتي إحنا بنقعد طول النهار رهن زبون يدفن أو يزور وفيه ناس بتدفن وتنسي الميت بالسنين وفيه ناس حريصة تعرف ولادها بمدفن العيلة وزيارة الجدود بس قليلين والقاسم المشترك بيكون كبار السن, وفي الحسنة كل زبون وتقديره مفيش تسعيرة كل واحد وذوقه.