صرنا نحن العرب والمسلمون والمصريون موهومين بشيء اسمه' اللوبي اليهودي' في الولاياتالمتحدةالامريكية ووصل الحديث عن هذا اللوبي الي من يصوره علي انه المسيطر علي صنع السياسة في امريكا وكتاب' من بوش الي اوباما المجتمع والسياسة في الولاياتالمتحدةالامريكية'للدكتور وليد محمود عبد الناصر والصادر عن مركز الاهرام للنشر والترجمة والتوزيع يرصد هذا الوهم تراوحت مواقف الإدارة الأمريكية تجاه مشاركة التيارات الإسلامية في العملية السياسية منذ تبني الإدارة الأمريكية الجمهورية السابقة رسميا لخطاب الدعوة الصريحة إلي التحول الديمقراطي في الوطن العربي والذي دشنته كلمة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن بمناسبة حالة الاتحاد في يناير2005 وهو اول خطاب عام مهم له بعد انتخابه لولاية ثانية. ويتجاذب هذه المواقف عدة اعتبارات, الأول يتصل بمخزون التجربة التاريخية لدي الولاياتالمتحدة في التعامل مع التيارات الإسلامية وهو مخزون يتراوح بين التعاون بل والتحالف( مع التيارات الإسلامية السنية التقليدية العربية في الخمسينيات والستينيات, ثم مع هذه التيارات عقب الغزو السوفييتي لأفغانستان عام1978? وأخيرا مع التيارات الإسلامية الشيعية في العراق, علي الأقل لبعض الوقت, عقب حرب العراق في ربيع2003) والتباين بل والعداء( مع التيارات الإسلامية التقدمية ما بين الخمسينيات والثمانينيات من القرن الماضي, ومع التيارات السلفية المتشددة منذ الاحتلال السوفييتي لأفغانستان, خاصة مواجهة نظام الطالبان انتهاءا بشن حرب ضده وإسقاطه في أكتوبر2001? ومواجهة عنف هذه التيارات بدءا بمؤامرة1993 علي مركز التجارة العالمي بنيويورك وانتهاءا بأحداث11 سبتمبر2001? وأخيرا المواجهة علي الصعيد العالمي مع ما يسمي بتنظيم القاعدة والمستمرة حتي الآن, وكذلك مع تيارات محسوبة علي إيران). ويتصل الاعتبار الثاني بمحتوي خطاب الإصلاح السياسي والديمقراطي ذاته الموجه من الإدارة الأمريكية السابقة للدول العربية, وهو خطاب ارتبط بالدعوة لما يسمي بتصحيح الخطاب الديني وإزالة ما به من تحريض ضد غير المسلمين ومن' عداء للسامية' ومن تعصب وتشدد وتطرف حسب الرؤية الأمريكية في الإدارة السابقة, ويتصل بذلك أيضا الدعوة لمراجعة مناهج التربية والتعليم بالمدارس لإعلاء قيم التسامح تجاه الآخر وحذف ما من شأنه أن يحض علي كراهية الآخر, وكذلك مراجعة الخطاب الديني في وسائل الإعلام والصحافة بل وفي المؤسسات الدينية ذاتها في نفس الاتجاه, حتي لو تطلب الأمر تدخل الحكومات لفرض رقابة ما في هذا الاتجاه فيما يخص وسائل الإعلام المملوكة للدولة وإبداء الاستياء علنا من هذا الخطاب إذا ورد في وسائل إعلام خاصة. وقد عكست تلك المطالب في هذا الاتجاه بالضرورة نوعا من المواجهة مع الفكر الديني السلفي وتياراته السياسية. أما ثالث الاعتبارات ذات الصلة بمواقف الإدارة الأمريكية للرئيس السابق جورج بوش الابن تجاه مشاركة التيارات الإسلامية في العملية السياسية فهو يعكس انقساما ذي طابع فكري وسياسي في آن واحد بين المؤمنين أيديولوجيا داخل الإدارة بضرورة الدفع نحو تحول ديمقراطي حقيقي وشامل في الدول العربية, فهؤلاء منقسمون بين من يتخوف من النوايا الحقيقية للتيارات الإسلامية المسيسة المسماة ب' المعتدلة' حتي لو أعلنت التزامها بقواعد اللعبة في العملية السياسية واحتمال انقلابها لاحقا علي مجمل التحول الديمقراطي إذا وصلت إلي السلطة, وبين من يراهن علي جدية إعلان هذه التيارات نبذ خيار العنف والالتزام بالعمل السلمي في إطار ديمقراطي وان أي محاولة منها للانقلاب علي الديمقراطية يمكن أن تواجه من خلال دور' ضامن' وهو يمكن أن يكون الجيش أسوة بالحالة التركية, أو الحاكم أسوة بالحالة المغربية أو ضمانات معينة تلتزم بها هذه التيارات الإسلامية مقدما مثل الحالة الأردنية. ويري أصحاب الرأي الأخير أن إدماج التيارات الإسلامية المسيسة المسماة ب' المعتدلة' في العملية السياسية هو الضمان لسحب البساط من تحت التيارات الإسلامية المسيسة المسماة ب' الراديكالية'. وفي ضوء الاعتبارات المذكورة عاليه وغيرها, وأخذا في الحسبان خلفية التحرك أمريكيا في السنوات القليلة الماضية في اتجاه دعم ما يسمي بالتحول الديمقراطي والدفع به بقوة علي رأس أولويات السياسة الخارجية الأمريكية خلال الإدارة السابقة في المنطقة العربية, وهي تبلورت أساسا عقب أحداث11 سبتمبر2001 والتفسيرات لها بغياب الديمقراطية كمسئول عن تزايد التطرف الديني ثم اتهام الحكومات بتوجيه هذا التطرف بعيدا عنها من خلال سيطرتها علي الساحة السياسية والإعلامية باتجاه الغرب, والولاياتالمتحدة وإسرائيل بشكل خاص, وبالطبع تحركت الإدارة السابقة في مواقفها بين طرفي نقيض وهو نفي أي صلة بين الأوضاع في فلسطين والعراق وأفغانستان وتصاعد التطرف والتعصب ضد الولاياتالمتحدة عبر العالم, وأعادت الكرة للحكومات العربية متهمة إياها بالاستبداد والقمع, مما وضع الإدارة السابقة بين شقي الرحي. وبالتالي تفاوتت مواقف الإدارة الأمريكية السابقة خلال تلك السنوات ما بين إشارات وإيماءات إلي دعم أمريكي لدور محتمل للتيارات الإسلامية المسيسة المسماة ب' المعتدلة' في العملية السياسية, وذلك في الدول التي لم تسمح بعد بدخول هذه التيارات علي خط المشاركة السياسية الكاملة, وبين تخوف من تأثير هذه التيارات علي التوجهات العربية خاصة علي الصعيد الشعبي تجاه الولاياتالمتحدة, خاصة في ضوء نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي منحت الغالبية لحركة' حماس' والانتخابات العراقية الأولي بعد سقوط حكم الرئيس الراحل صدام حسين التي كرست أوضاعا سياسية غلب عليها الطابع الطائفي. ولا شك أن العديدين داخل الإدارة الأمريكية السابقة ذوخاصة منذ صدور تقرير السفير إدوارد دجيرجيان الشهير إزاء' الدبلوماسية العامة' للولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي- باتوا أكثر اقتناعا بأمرين: الأول أنه يجب عدم تجاهل واقع أن استمرار الاحتلال في فلسطين والعراق وأفغانستان يشكل دافعا ليس فقط لتزايد العداء تجاه الولاياتالمتحدة وإنما أيضا لتزايد شعبية التيارات الإسلامية المسيسة ذمعتدلة أو متشددة- واكتسابها أرضية جديدة. أما الأمر الثاني فهو ضرورة تمكينEmpowering القوي ذات التوجهات الليبرالية من تقوية نفسها وتعزيز خطابها وتوسيع قاعدتها الشعبية قبل الحديث عن السماح للتيارات الإسلامية بالعمل السياسي. وأشار أصحاب هذا الرأي إلي ضرورة توافر البنية الأساسية والوعي السياسي والثقافة الديمقراطية اللازمين لتطور العملية الديمقراطية وإلا أدي السماح للتيارات الإسلامية بالعمل السياسي إلي كارثة للديمقراطية وللمصالح الأمريكية في المنطقة في آن واحد. ومن هنا ركزت' الدبلوماسية العامة' الأمريكية في المنطقة علي الدفع بمنظومة من القيم في محاولة للترويج لها بحيث يلتقي من يتقبلها أيا كانت هويته الفكرية الأصلية علي حد أدني مشترك يتسم عموما بالليبرالية السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي ضوء ما تقدم, فإننا نجد التراوح في مواقف الإدارة الأمريكية السابقة بين مواقف مندفعة أحيانا ذخاصة ما نسب لوزيرة الخارجية رايس في مرحلة ما من دعوة لتقنين وضع الجماعات الاسلامية المسيسة والسماح لها بالمشاركة في العملية السياسية- ثم التراجع لاحقا عن هذه التصريحات بحجة القول بأنه أسيء تفسيرها وأخرجت من سياقها, ومواقف أخري تدعو التيارات الإسلامية لإثبات التزامها بالمعايير الديمقراطية