سباق توزيع الأفلام يتحكم فى لعبة الإيرادات

تشكل الإيرادات الجانب الأكبر والأهم فى صناعة السينما، لكونها تعيد ترتيب بورصة النجوم وتحدد الأسماء الأكثر جذبا للجمهور، ونوعية الأفلام التى يرغب الجمهور فى مشاهدتها، ومن هنا تأتى فكرة المنافسة بين الأعمال المختلفة سواء أكشن أو كوميدى أو إثارة، ورغم كل ذلك إلا أن الأمر لم يعد قاصرًا على جودة الفيلم أو جماهيرية البطل فحسب.
حيث أصبحت هناك عوامل أخرى تساعد على الصعود بالفيلم إلى السماء أو تهبط به إلى الأرض، وهى لعبة التوزيع السينمائى والتى تفتح قاعات العرض للفيلم بعدد كبير حتى يحقق أعلى الإيرادات وكلما ازداد الطلب على الفيلم اضطر القائمون على مهمة التوزيع أو أصحاب دور العرض إلى فتح قاعات أكثر على حساب أفلام أخرى بحجة أن جمهورها أقل مما يحرم هذه الأفلام من فرص العرض الجيد وتحقيق إيرادات بعد سحب قاعاتها، وفى المقابل يبدأ الموزعون تدريجيًا فى سحب الفيلم من القاعات قبل أن يتم رفعه نهائيًا من دور العرض.
وعلى الرغم من تحقيق بعض الأفلام فى موسم عيد الفطر نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، إلا أن إيراداتها جاءت مخالفة للتوقعات تمامًا مما يشير إلى أن المعادلة لا تسير كما هو متوقع أو أن نجاح الأعمال فى الشارع لم يعد دليلاً على نجاحها فى شباك التذاكر، فكان فيلم «الممر» مثالاً حيًا ونموذجًا لما سبق، فرغم أن الفيلم نال إشادات واسعة، وترك أثرًا كبيرًا فى نفوس المشاهدين إلا أنه لم يتصدر الإيرادات وجاء فى المرتبة الثانية بفارق كبير فى حجم إيراداته عن فيلم «كازابلانكا» الذى احتل المركز الأول ولعب بطولته الفنان أمير كرارة، وترصد «الأهرام المسائي» فى السطور التالية حرب الإيرادات.
يقول الفنان شريف رمزى: إنه على الرغم من تحقيق بعض الأفلام نجاحًا جماهيريًا، إلا أنه ليس دليلًا أو مقياسًا لتفوقها بالإيرادات بدليل أن فيلم «الممر» الذى قدم بتقنيات عالية الجودة حقق نجاحًا كبيرًا لدى الجمهور ولكن «كازابلانكا» تفوق عليه فى الإيرادات، مشيرًا إلى أن السبب وراء هذا الفارق فى الإيرادات يرجع إلى طبيعة الفيلم نفسها لأنه عمل عسكرى ملحمى وضخم للغاية، ورغم أنه مبذول فيه مجهود جبار وكبير وتقنيات عالية على مستوى التصوير والإخراج والمعدات العسكرية المستخدمة ولكن من المعروف أن موسم عيد الفطر المبارك على مر العصر والتاريخ يحتاج لنوعية أفلام خفيفة مثل الأفلام الكوميدى واللايت كوميدى والأفلام التجارية لأن هذه الأفلام تمثل وجبة خفيفة للجمهور الذى يخرج من موسم رمضان منهكا فيبحث عن الأعمال الخفيفة والتجارية بعيدًا عن الأعمال الثقيلة فى التناول ورغم الإشادات الكبيرة التى حققها الممر كفيلم ملحمى ومهم فى السينما ولكنه ثقيل وحربى فلم يكن مناسبًا على العيد الفطر، ومن وجهه نظرى من الأفضل أن يقدم فى موسم عيد الأضحى بل وكان سيكون بلا منازع على مستوى كل الأفلام المنافسة وهذا ما يفسر ارتفاع إيرادات الفيلم خلال هذه الأيام مع مرور الأيام الأولى للعيد.
وأوضح رمزى أن عدد ساعات الفيلم تتحكم أيضًا بشكل مباشر فى إيراداته فهى تكون عنصرًا رئيسيًا وراء تفوق عمل على آخر وتحقيقه إيرادات عالية على منافسه، فكلما زادت ساعات العمل قل عدد حفلاته فى اليوم الواحد وفتحت قاعات أقل له، فمثلا فيلم «الممر» مدته ساعتين ونصف الساعة بينما فيلم «سبع البرمبة» أقل منه بساعة تقريبًا، ليكون للأخير عدد حفلات أكثر من فيلم الممر، وهو ما يؤكد أن الإيرادات تتحكم فيها عدد حفلات الفيلم والتى يتحكم فيها بالطبع مدة العمل.
أضاف رمزى، أنه لا يوجد تلاعب فى الإيرادات وأن أى أرقام مغلوطة أو مبالغ فيها فهى تضع صاحبها فى مأزق مع الضرائب، فكل شخص يقدم أرقامًا حقيقية حتى وإن زادت الإيرادات ولكن بشكل معقول وغير مبالغ فيه فمن الصعب أن يزيد شخص مليون جنيه بشكل وهمى لأن هذا يعرضه للمساءلة أمام مصلحة الضرائب.
وأشار شريف رمزى إلى مدى إدراك الجمهور للفيلم الجيد بدليل تقدم فيلم «الممر» بعد عيد الفطر بعدما تصدر «كازبلانكا» الإيرادات فى الأيام الأولى من العيد ورغم ذلك جمهور العيد لم يعد كما كان فى السابق فزمان كان الجمهور يخرج خصيصًا لمشاهدة الفيلم ولكن مع وجود وسائل غير شرعية مثل القرصنة وغيره بدأ الجمهور فى الاستسهال والانتظار لمشاهده العمل على الإنترنت، فزمان وضع السينما كان أفضل بكثير لأن الجمهور ينزل للسينما إضافة إلى أن سعر التذكرة زمان من 20 إلى 40 جنيهًا بينما حاليا 200 جنيه فهذا الفارق هو الذى شكل زيادة فى الإيرادات وليس لزيادة إقبال للجمهور، فيلم «إسماعيلية رايح جاى» و«صعيدى فى الجامعة الأمريكية» من أكثر الأفلام التى حققت إيرادات ضخمة بالتزامن مع انخفاض سعر تذكرة السينما.
بينما قال الموزع السينمائى صفوت الهلباوى: إن المنافسة بين أفلام عيد الفطر قوية وليس هناك جدال حول تصدر عمل على آخر لأن الأرقام التى تصدرها الجهات المسئولة صحيحة للغاية، ولا يوجد أى تلاعب فيها.
أضاف صفوت الهلباوى أن من أهم الأسباب التى تتحكم فى حجم الإيرادات هى مدة عرض الفيلم، وفتح عدد قاعات كثيرة، وعدد حفلاته أيضًا، فمثلًا فيلم «الممر» مدة عرضه نحو ساعتين ونصف الساعة، وبالتالى عدد حفلاته كانت أقل من الأفلام الأخرى مثل: «كازبلانكا» أو فيلم «سبع البرمبة» لأنهم مدتهم أقل فى عدد ساعات، وهو ما يسمح لشريحة كبيرة من الجمهور بدخوله على مدار اليوم، مما ينتج عنه عدد إيرادات أكبر.
أما عن التلاعب بالأرقام الذى دائمًا ما يحدث كل موسم فقال الهلباوي: «إنه ليس هناك أى وسيلة أو طريقة للتلاعب بالأرقام فى الإيرادات لأن هناك أكثر من جهة تصدر إيرادات الأفلام بشكل يومى، وهو ما لا يدع الفرصة للتلاعب لأننا نطابق الأرقام الواردة من كل جهة بالأخرى، كما أن هذا الموسم يمتاز بأن الأفلام المشاركة ليست متصارعة كما شهدنا فى الموسم السابق ولكنها تكمل بعضها، وهو ما انعكس أن الكل يحترم بعضه ويحترم أيضًا الأرقام الصادرة وعدم الطعن فيها».
ومن جانبه، قال الموزع السينمائى عبد الجليل حسن: إن فيلم «الممر» بدأ يأخذ موقعه من الترتيب فى قائمة الأفلام ذات الإيرادات الكبيرة رغم أن ذلك لم يحدث مع أول أيام عيد الفطر، مما يؤكد أن الفيلم الجيد يفرض نفسه عند الجمهور، وتنوع أفلام هذا الموسم يخدم المشاهد والمتلقى فى المقام الأول، والتضارب الذى حدث فى الأيام الأولى من تصدر عمل بعينه على باقى الأفلام تفسيره أنه ينطبق عليه المثل الدارج» لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع»، فكل فيلم وله جمهوره، مع وجود تنوع فى الأفلام ما بين الكوميدى والساسبينس والأكشن. وعن مسألة التلاعب فى الأرقام قال:» لا أعتقد أنه حدث ذلك خاصة أن كل الأرقام فى النهاية تذهب إلى غرفة صناعة السينما ومصلحة الضرائب وهم الحكم الرئيسى فى هذه العملية لأن كل الإيرادات تتجمع عندهم وهم المسئولون فى هذه الجزئية وبالتالى لن يسمحوا بأى تلاعب».