نحتفى بثورة 30 يونيو، بأيامها ولحظاتها وساعاتها، التى رسمت ملحمة إضافية فى وجدان المصريين، ولا نزال نؤكد النقاط التائهة على حروفها، بحكم محاولات التضليل والالتفاف عليها وتشويهها، حيث لا تترك مجالاً لالتباس هنا أو تأويل هناك، ولا تقبل إلا أن يكون 30 يونيو بداية لتحوّل يكون ما بعده غير ما قبله. إن ثورة 30 يونيو هى ثورة ثقافية فى عمقها، لأنها أسفرت عن قوة هائلة أثبت الشعب عن طريقها أن نفسيته أعصى على محاولات الرجعية، وثقافته أبقى من محاولات الظلاميين، وأثبتنا أننا شعب، قامت ثقافته على أسس راسخة ومتينة، ولولا أننا شعب بنيت حضارته على الصلابة والثقة والصبر . لولا هذا, لعادت مصر فى ظل الإخوان إلى القرون الوسطى .. نحتفى بثورة 30 يونيو بحسبانها ملحمة الشعب المصرى مع نزول الملايين تطالب بعودة مصر الدولة والجمهورية والهوية والحضارة، وتعلن بصورة لا لبس فيها ولا شك ولا تشكيك فيها، نهاية الشرعية السياسية لحكم الإخوان، لأن النظام الإخوانى لم يعد صالحا ولا يستحق التأييد والطاعة، لأن ذلك النظام عمل جاهدا ليل نهار وعلى مدار الساعة على هدم طبيعة وأسس الدولة المصرية، وتعريض بقاء الدولة المصرية وأسسها للضياع, ولأن ممارساته تهدد الأمن القومى المصرى بما شعر معه المصريون أنهم مهددون من ناحية حدودهم وأمنهم وأمانهم، وأضحى الوطن مخترقا. ومما ضاعف من هذا الشعور أن جماعة الإخوان المسلمين تحالفت مع جماعات إسلامية لها تاريخ إرهابى وهى تهدد مخالفيها بالويل والثبور وعظائم الأمور، بقطع الرقاب بعد إعلان النفير ضد الشعب المصري، وهو ما ثبت مع تصاعد الهجمات الإرهابية ضد الشعب والدولة من قبل الإرهاب بعد الإطاحة الشعبية بنظام الإخوان. نحتفى بثورة 30 يونيو بعد أن أدرك العالم كله رغم تربص المتربصين بمصر أن تلك الثورة كانت ضرورة حتمية، ولولاها ما عرفنا الإنجازات المتتالية فى مصر فى معركة التجدد القومي، ومصر الآن دخلت بقوة إلى القرن 21 بخطى واثقة استمرارا لكفاح شعبنا من أجل مصر القوية العزيزة الأبية، حيث يظهر الإنسان المصرى على حقيقته، قويا شجاعا تواجهه الصعاب فيقهرها، تواجهه التحديات فيسحقها، يكره العيش ذليلا، يرفض العيش ذليلا، يعشق الموت عزيزا، تعترضه الجبال فيرفض السفوح إلى القمة، ومن القمة ينظر بعطف وكرم إلى من فى السفح، ممن لم يستطيعوا أن يصعدوا إلى قمة الجبل. نحتفى بثورة 30 يونيو التى أعادت تأكيد أن النظام السياسى ليس مجرد دستور ومؤسسات، بل إن هذا الإطار الدستورى هو فى جوهره أداة لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية ولتنفيذ السياسات العامة التى تواضع عليها أغلبية المواطنين فمصر لجميع المصريين وتحسين الحياة والارتقاء بها هدف أساسى للقيادة السياسية فمسيرة التعمير والإعمار تعم كل مصر فى كل الميادين فقيادتها أنقذت مصر واقتصادها من يعش فى مصر ير الآن عملا يؤدي، وعرقًا يبذل، وعطاء يعطي، وفكرًا جديدًا يقتحم المشكلات اقتحاما لا يلف ولا يدور حولها بفكر ثاقب يستنهض الأمة ويستخرج مكنون عظمتها وإرادتها وحضارتها. ودوما تحية إلى شهدائنا قدس الأقداس وطهر الأطهار، إنهم الشهداء التى كانت ولازالت قوافل نورهم تضيء دروب العزة والكرامة... تضيء حياتنا، وتعطى معنى قيّماً لوجودنا.