ثلاثة تصريحات متعاقبة لأكبر ثلاثة مسئولين أمريكيين تكشف عن يأس مبكر من إمكان نجاح صفقة القرن، وكان وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو، أعرب عن قلقه من فشل خطة السلام الأمريكية المعرفة باسم صفقة القرن، خلال مؤتمر لرؤساء المنظمات اليهودية الأسبوع الماضي، لأنها تقابل بالتشكيك بوصفها غير قابلة للتطبيق، وأنه يتفهم الانطباع بانحيازها لإسرائيل. ووصل الأمر إلى حد أن بومبيو تمنى حضور دول خليجية للورشة الاقتصادية فى البحرين، والمرتبطة بصفقة القرن، حتى إنه أعرب عن أمله أن ترسل دول مثل الكويت من يستمع إلى ما سيتم طرحه فى الورشة. هذه النظرة المتشائمة لوزير الخارجية الأمريكى ليست نابعة من فراغ، فهو الشخص الأول المسئول عن الترويج ومناقشة آراء قادة المنطقة والعالم فى الخطة الأمريكية، وأن ما يقوله هو خلاصة نقاشاته ولقاءاته مع زعماء عرب وأجانب حول الخطة الأمريكية المتعثرة من البداية، فقد سبقها قراران للرئيس الأمريكى بنقل السفارة الأمريكية للقدس ثم الموافقة على ضم إسرائيل للجولان السوري، وهما ضربتان مبكرتان للخطة الأمريكية، أغلقت مسارات أى حوار جدى حول الخطة الأمريكية، بعد ما رآه القادة العرب من انحياز أمريكى غير مسبوق لإسرائيل، ومخالفة لكل قرارات مجلس الأمن والقوانين الدولية من أجل مصلحة إسرائيل، وحاول ترامب إبعاد مسئولية التعثر عنه، وقال إن الخطة جيدة، لكن المناخ غير مناسب، مشيرا إلى أن الكنيست الإسرائيلى لم ينجح فى تشكيل حكومة، ودعا لإجراء انتخابات مبكرة للمرة الثانية فى سبتمبر المقبل، وهو ما يعنى عدم وجود حكومة إسرايلية لها صلاحيات يمكن أن تناقش الخطة الأمريكية مع أطراف عربية، أما جاريد كوشنر كبير مستشارى ترامب ومهندس صفقة القرن فقد وصف الفلسطينيين بأنهم غير قادرين على حكم أنفسهم، وأن حق تقرير المصير لا يعنى تشكيل دولة، وجاءت تصريحات كوشنر عن الصفقة متخبطة وغير مقنعة، وتكشف أن مهندس الصفقة ليس لديه تصور واضح عن تفاصيلها وما يمكن أن تقدمه للجانب الفلسطيني، وهو ما زاد القناعة بأن صفقة القرن قد تعثرت مبكرا، طالما أن المعنيين بالترويج لها على هذه الدرجة من التخبط واليأس وعدم الوضوح، وعلى الجانب الآخر فقد كان الموقف المصرى واضحا للغاية، وعبر عنه الرئيس عبد الفتاح السيسى بقوله إن مصر لن تقبل شيئا لا يرضى عنه الفلسطينيون، ونفى ما تردد عن تقديم مصر لأى تنازلات فى إطار صفقة القرن، مؤكدا أن مصر لا يمكن أن تفرط فى شبر واحد من أرض سيناء، وكان الرئيس عبد الفتاح السيس، أكد مرارا أن تمسك مصر بإقامة دولة فلسطينية على أراضى الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، وهو طرح يختلف عما تضمنته التسريبات المختلفة لصفقة القرن التى لم تجد طريقها حتى للإعلان عنها، وسيتكرر تأجيل هذا الإعلان، والذى كان قد حدده ترمب بنهاية شهر رمضان، لكن لا يبدو أن هلال صفقة القرن قابل للظهور.