تحولت مدينة ردوس الفرنسية وشوارعها الواسعة الخضراء إلي كرنفال فني وثقافي تنافست فيه فنون وثقافات شعوب من مختلف أرجاء الكرة الأرضية من أفريقيا مصر والجابون ومن آسيا كوريا ووفرنسا وبولندا واسكتلندا وروسيا من أوربا ومن أمريكا الجنوبية بيرو والاكوادور. كل فرقة عرضت فنونها وتراثها الشعبي الذي يميزها ويعبر عنها, لكن الفن الشعبي المصري فرض نفسه علي المهرجان بتنوعه وإيقاعاته المتعددة وثرائه في الشكل والمضمون علي السواء, فقد تفوقت الطبلة البلدي علي الرقصات الروسية والفرنسية, وكذلك فتن راقص التنورة علاء عبدالشافي عقول الجماهير الذين صفقوا له بحرارة غير مألوفة بالنسبة للجمهور الفرنسي الذي يبدي إعجابه إما بإيماءة أو نظرة استحسان غير مصحوبة بالكلام, وكذلك اهتمت الصحافة بفرقة الحرية للفنون الشعبية المصرية, وأشادت بها حيث نشرت بعض الصحف المحلية تقريرا مفصلا عن الفرقة المصرية التي تشارك لأول مرة في مهرجان الفنون الشعبية الذي يقام منذ نحو56 عاما, وأفردت لها مساحة كبيرة وخصوصا راقص التنورة علاء عبدالشافي, الذي وصفته بأنه يشبه( الزمبرك) الذي يتحرك ويدور بسرعة دون أن يدوخ أو يسقط علي الأرض مغشيا عليه بسبب الدوران الكثير!! هذا المشهد البانورامي من إبداع وتنفيذ شباب فرقة الحرية للفنون الشعبية المصرية, إن دل علي شيء فإنما يدل علي أن هؤلاء الشباب حقا هم أحفاد الفراعنة صناع التاريخ والحضارة, عدسة( الاهرام المسائي) كانت معهم هناك, داخل مركز الفنون الجميلة بمدينة رودس احدي القري الريفية, وفي شوارع المدينة والقري المحيطة, حيث نتاج ما يقدمه هؤلاء الفنانون ضمن فاعليات مهرجان الفنون الشعبية الدولي, والذي انطلق في8 وحتي15 أغسطس وبالفعل استطاعت الفرقة المصرية عبر عروضها الراقصة غير المألوفة أن تستحوذ علي اعجاب الجمهور وخصوصا أطفال المدارس, الذين صوتوا لصالح فرقة الحرية ومنحوها وسام الجمهور مناصفة مع فرقة الجابون للفنون الشعبية. وفي إطار مصري قديم, يقدم أفراد فرقة الحرية بأسلوب راقص وعلي أنغام موسيقي عمر خيرت التابلوه الفرعوني الجذاب واللافت للاهتمام, حيث يصلي الفرعون للآلهة من أجل أن تنعم بلاده بالأمن والسلام والاستقرار, ويضم الوفد الرسمي كلا من: أحمد زحام وكيل وزارة الثقافة مصطفي الصاوي مندوب العلاقات الثقافية الخارجية ونصر محمد مدير الفرقة و13 راقصا وراقصة وموسيقي هم: خالد سعد ركابي ومحمد رشاد وتامر صلاح منصور عبد الله وعلاء عبد الشافي وأمنية أبو العلا ومحمد علي, مرام محروس, وسهيلة سعيد, إسراء عبدالفتاح, يحيي عبدالمقصود, ومحمد رمضان. وفي هذا الإطار يقول حسام نصار وكيل وزارة الثقافة للعلاقات الثقافية الخارجية أن المشاركة المصرية في هذا المهرجان وغيره من المهرجانات حول العالم, تأتي كوسيلة لإيصال الرسالة الثقافية لمصر بعد ثورة يناير من علي منبر معروف عالميا, وبهدف رعاية الإبداع في حقول الثقافة والتراث ودعم الحوار الثقافي مع مختلف دول العالم, فضلا عن إتاحة فرص جديدة للتطور والتفاعل أمام الفنانين وأصحاب المهن الفنية, بالإضافة إلي الترويج للثقافة المصرية وتراثها إقليميا وعالميا وإثراء رصيدها وأجندتها الثقافية, مشيدا بالاهتمام الكبير والتنسيق القائم بين مختلف الجهات ذات الصلة من خلال وزارة الثقافة وأجهزتها المختلفة. واعتبر نصار أن التجربة الناجحة لمصر في العمل الثقافي قد حفزت القائمين علي المهرجان لاختيار مصر البناء والمثمر, فكلا الشعبين المصري والفرنسي يعرف الآخر عن قرب, ومشاركة مصر في المهرجان سيعزز هذا التقارب. وأكد نصار أن ما تقدمه مصر للفعل الثقافي يعد مميزا علي الصعيد العربي والعالمي أيضا, فلا يمكن إنكار الإعجاب بذلك الجمع الفريد في أسلوب الحياة بين قيم الأصالة والمعاصرة. مشيرا إلي أن كل مؤسسات الدولة المعنية تعزز هذا المفهوم وتدفع إلي تكريسه ليس عبر روافد الثقافة التقليدية المعروفة مثل الفنون والآداب وغيرهما, بل هناك دعم لمواكبة أشكال الثقافة المعاصرة والتي تقوم علي تشكيل وعي الإنسان بالمكان والانتماء إليه.