الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آل بيته الطاهرين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، وبعد فإن الصوم فى اللغة هو : الإمساك عن الشيء مطلقا «فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَ?نِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا» (مريم: 62 ) أى إمساكا عن الكلام وشرعا الإمساك عن شهوتى البطن والفرج من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية، وهو من فروض الإسلام الخمسة ثبتت فرضيته بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهو معلوم من الدين بالضرورة، روى البخارى فى صحيحه عن أبى هريرة (رضى الله عنه) قال : إن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قال: « قال الله عز وجل: «الصيام جنة، فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله، أو شاتمه فليقل: إنى صائموالذى نفسى بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل، الصيام لى وأنا أجزى به والحسنة بعشر أمثالها». والخلوف هو: تغير رائحة الفم بسبب خلو المعدة من الطعام لأجل الصيام وإجابة على السؤال نقول يجب على كل مسلم ومسلمة أن يسأل عما تصح به عبادته لله تبارك وتعالى وما يبطلها؛ حتى يبرئ ذمته منها ممتثلا أمر الله عز وجل، ويفسد الصوم إذا وقع من المكلف على وَجه لا يُوَافق مُقْتَضى الشَّرِيعَة، ومفسدات الصوم كما ذهب بعض الفقهاء هى: كل ما يصل إلى الجوف من أى موضع كان، كأناستقاء، أو استمنى، أو قبل، أو لمس فأمنى، أو أمذى، أو كرر النظر حتى أنزل، أو احتجم عامدا ذاكرا لصومه، بطل وفسد صومه، وفى بعضها خلاف للفقهاء، وإن فعل ذلك ناسيا، أو مكرها لم يبطل صومه و بناء على ذلك فمن أوصل شيئا إلى جوفه من أى موضع من جسده، كأن يداوى جرحا غائرا فى جسده وكأن يدخل العلاج إلى جوفه من طريق القبل أو الدبر ونحو ذلك، وكان متعمدا لذلك، ذاكرا لصومه فسد صومه لما روى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: «الفطر مما دخل ...» رواه البيهقى مرفوعا والدارقطنى بإسناد ضعيف جدا وضعفه غير واحد من أهل العلم. وذهب بعض أهل العلم إلى أن الصائملا يفطر إلا بالأكل أو الشرب، أو ما يقوم مقامهما مما يغذى ويقوى الجسد كتقوية الطعام والشراب؛ لعدم الدليل على بطلان الصيام بغير ذلك، وهذا هو الأقرب، ويؤيد هذا ما ثبت عن أنس (رضى الله عنه): «أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتحل وهو صائم» أخرجه أبو داود، وَلَمْ يَرَ أَنَسٌ وَالحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ: بِالكُحْلِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا، ذكر ذلك البخارى فى صحيحه، ومثله فى شعب الإيمان للبيهقى عن ابن عباس وإسناده جيد، وهذا هو الأقرب. وبناء على ذلك مثلا فإن الحقن العلاجيةوكذلك التقطير فى العين والأذن ونحو ذلك لا تفسد الصيام، أما الحقن المغذية ومثلها حقن الدم فى الجسدوتغيير الدم عند غسيل الكلىإذا كان يضاف إليه مواد غذائية، فإنها تفطر؛ لأن ذلك يقوم مقام الطعام والشراب، أما إذا كان الغسيل لمجرد إخراج الدم، ثم إعادته بعد تصفيته وتنقيتهفقد يقال: إنه لا يفسد الصيام فى هذه الحالة. وكيل كلية الشريعة والقانون بالقاهرة