من القواعد الشرعية التى أرستها الشريعة الإسلامية رأفة ورحمة بالأمة «أن المشقة تجلب التيسير» لأجل هذا شرع الله تبارك وتعالى الرخص لعباده المؤمنين تخفيفا وتيسيرا وإن المسلم الصحيح المقيم إذا اضطر للعمل الشاق فى رمضان وغلب على ظنه بأمارة، أو تجربة، أو إخبار طبيب مسلم مأمون عدل ثقة: أن صومه يفضى إلى هلاكه، أو إصابته بمرض فى جسمه، أو يؤدى إلى ضعفه عن أداء عمله الذى لا بد منه لكسب نفقته ونفقة عياله، ومن تلزمه نفقتهم، فإنه يباح له الفطر؛ أخذا بما استظهره بعض الفقهاء من إباحة الفطر للمحترف الذى ليس عنده ما يكفيه ومن تلزمه نفقتهم، وما نص عليه الفقهاء من إباحة الفطر للخباز، ونحوه من أرباب الحرف والأعمال الشاقة. والواجب على هؤلاء العمال إذا أفطروا أن يقضوا ما أفطروه من رمضان فى أوقات أخرى لا توجد فيها هذه الضرورة عندهم، فإن لازمتهم هذه الضرورة واستمرت بهم إلى آخر عمرهم وتوفاهم الله على هذه الحالة، بألم يتمكنوا من القضاء لضيق الوقت، أو لعذر من مرض أو سفر، أو عجز عن الصوم، فلا شىء عليهم، فى قول أكثر أهل العلم، وهذا هو الأيسر والأرفق بالأمة؛ لأن الصيام حق لله تبارك وتعالى وجب بالشرع، فمات من يجب عليه قبل إمكانه فعله فسقط إلى غير بدل كالحج. وقيل فى رأى آخر: يجب على ورثته الإطعام عنه؛ لأنه صوم واجب، سقط عنه لعجزه عنه، فوجب الإطعام عنه كالشيخ الكبير الطاعن فى السن، ولكن رد على هذا بأن قياس هؤلاء على الشيخ الكبير قياس مع الفارق الذى يبطل القياس، ووجه الفرق: أن الشيخ الكبير وجب عليه الصوم ابتداء، وفى الأصل، بخلاف الميت الذى لا يجب عليه شىء والمختار هو الأول، لقوله تعالى «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَي? وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَي? سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَي? مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ». البقرة: 185 وصدق الله العظيم