مراتب ودرجات الصائمين وضحها العلماء فى كتبهم ، وكلها تعود وترجع إلى قوة ، أو ضعف تأثير الصيام فى تصرفات المسلم ؛ حيث إن للصوم تأثيراعجيبا فى حفظ الجوارح الظاهرة ، والقوى الباطنية كما يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة 183 ) وقال النبى (ص صلى الله علية و سلم) « الصوم جنة « أخرجه البخارى ومسلم وغيرهما وأمر من اشتدت عليه شهوة النكاح ولا قدرة له على مؤنته بالصيام وجعله وجاء هذه الشهوة ، أى كاسر لشهوته بناء على ذلك قسم العلماء الصائمين إلى ثلاث درجات وهى من الأدنى إلى الأعلى :* الدرجة الأولى : صيام العوام أو العامة ، وهو : كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة ، ولا يخرج تعريف الفقهاء للصيام عن هذا* الدرجة الثانية وهى: صيام الخاصةوهو يزيد عن الدرجة الأولى السابقة بكف السمع والبصر واللسان ، واليد والرجل ، وسائرالجوارح الظاهرة عن الأثام ، وهذا هو صوم الصالحين ، والتى من الواجب شرعا أن يكون عليها حال المسلمين ، وهذه الدرجة تستلزم أن يكف الصائم بصره عن محارم الله ، وأن يحفظ لسانه ، ويصونه عن الكذب ، والغيبة ، والنميمة ، والفحش والخصومةوالمراء والجدل فيما لا فائدة من ورائه بأن يلزم لسانه السكوت والصمت ،أو أن يشغله بذكر الله سبحانه وتعالىوتلاوة القرآن ، وقد جاءت النصوص بالأمر والنهى والحث والحض على كل ذلك مما لا يتسع الوقت لسردها وذكرهاكذلك يكف السمع عن الاستماع إلى كل مكروه وحرام مما حذرت ونهت عنه الشريعة الغراء ، وأن يكف بقية الجوارح عن الآثام ، وأن يكون قلبه معلقا بعد الإفطارعلى فضل الله مضطربا بين الخوف والرجاء ؛ لأنه لا يدرى أقبل صومه فهو من المقربين ، أم رد عليه فهو من الخاسرين * الدرجة الثالثة : صيام خاصة الخاصةوهذه الدرجة تحتاج زيادة على ما فى الدرجة الأولى والثانية : أن يصوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله عز وجل ، هذه هى درجات الصائمين ، وليتنا نختار الوسط منها ، وهى الدرجة الثانية ، والتى تتجاوب فيها الجوارح الظاهرة مع ما يستلزمه الصيام ؛ حيث إن الدرجة الأولى يفتقد فيها الغاية من الصيام ، ولا تأثير له فى الجوارح ؛ ولذلك قال (صلى الله علية و سلم )« من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه » أخرجه البخارى ، أما الدرجة الثالثةفتدورعلى القلبوقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، وهذه درجة الأنبياء ، فاللهم احشرنا معهم يا رب العالمين .