من قمة مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى واشنطن، إلى أخرى مع الرئيس الصينى تشى جين بينج فى بكين، إلى ثالثة فى العاصمة الصينية مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، تبقى رسالة القاهرة إلى العالم قائمة ومتجددة، ومفادها «أن مصر بلد كبير، وقائدها الرئيس عبد الفتاح السيسى يحظى باحترام الدول العظمى وتقدير زعمائها، لأنه استطاع أن يؤمن لهذا الوطن مقعدًا بين الكبار، ويستعيد المكانة التى يستحقها، ولم يرض بغير أن يكون، أى الوطن، فى كل محفل دولى صاحب كلمة عليا، لا يدين بالولاء والتبعية لأى من كان، سوى للشعب المصرى، والتاريخ المصرى، والإرادة المصرية». رسالة القوة، التى تبعث بها مصر، تأتى هذه المرة من بكين، حيث يشارك الرئيس عبد الفتاح السيسى فى منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولى، وهى الرسالة التى بعث بها لقاء الرئيس السيسى مع نظيره الصينى، وجددها لقاؤه أمس مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، الذى أكد تقديره للدور المصرى، وما تشهده بلادنا من استقرار، يمثل أرضية خصبة للتنمية والبناء، بعد خروج جموع الشعب للمشاركة والموافقة على التعديلات الدستورية. هذه المكانة الكبيرة، هى التى جعلت «بوتين» يؤكد أهمية مصر بالنسبة لبلاده، وحرصه وإدارته على استمرار التنسيق والتشاور مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، باعتبارها، أى مصر، تمثل ركيزة أساسية للأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، كما كان الرئيس الروسى حريصًا أيضا على أن يجدد التباحث مع الرئيس السيسى، بشأن تعزيز العلاقات الثنائية، التى تستند إلى شراكة إستراتيجية بين القاهرة وموسكو، تتجسد فى مشروع محطة الضبعة النووية، والتعاون فى مجال تطوير منظومة السكك الحديدية، بالإضافة إلى التعاون المشترك فى مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، إلى جانب التطرق لاستئناف الرحلات الجوية الروسية إلى القاهرة، بعدما أشاد بالجهود التى قامت بها السلطات المصرية فى تأمين المطارات. وفى لقاء الرئيس السيسى مع الرئيس بوتين، وغيره من زعماء العالم الذين يلتقيهم، لا يمكن أن تمر تلك اللقاءات عابرة، دون أن يكون لقضايا المنطقة نصيب وافر من المباحثات، وهذه ترجمة واقعية لدور مصر المحورى، كركيزة للاستقرار ورمانة ميزان للأمن، وهذا ما يتفق عليه ويعيه جيدًا كل من يجلس إلى الرئيس السيسى من قادة العالم، ومرجعية ذلك، باختصار، السياسة الواضحة والمبادئ الثابتة، التى لا تقبل إلا إقرار حق الشعوب فى تقرير مصائرها، والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، وهى مفردات سياسية يستطيع القاصى والدانى أن يلحظها ويقرأها فى الخطاب الرسمى، فى كل المحافل الدولية، وهذا سر من أسرار قوة دولة 30 يونيو، التى ولدت قوية، وحازت ثقة وإعجاب العالم بأسره. ويبقى التساؤل: هل تجنى إفريقيا، تلك القارة التى أُنهكت على مدار عقود طويلة من الصراعات والنزاعات والإفقار المتعمد ومحاولات تهميش دولها، هل تجنى ثمار قوة دولة 30 يونيو؟ الجواب يدركه الأفارقة أكثر من غيرهم، ويعلمه العالم جيدًا، حتى قبل أن تتولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى فى دورة هذا العام. ومن هنا، من بكين، شهدنا بالأمس كيف كانت القارة السمراء محور خطاب رئيس مصر أمام منتدى الحزام والطريق، فإلى جانب ما طرحه الرئيس من أن أهداف المنتدى تتسق مع جهود مصر لإطلاق عدد من المشروعات العملاقة، ذات العائد الكبير والفرص الاستثمارية المتنوعة، وفى مقدمتها محور تنمية منطقة قناة السويس، القائم على إنشاء مركز صناعى وتجارى ولوجيستى، يوفر فرصاً واعدة للشركات الصينية، وللدول أطراف المبادرة، فإن الرئيس السيسى أيضًا أكد فى كلمته أن قمة منتدى التعاون الصينى الإفريقى فى سبتمبر 2018، أكدت حرص الصين على التنسيق مع الدول الإفريقية فى القضايا المختلفة التى تناولتها القمة، لا سيما أجندة 2063 للاتحاد الإفريقى، وأجندة الأممالمتحدة 2030، وأكد أن هذه الأجندات تتلاقى مع الأولويات التى طرحتها مصر فى القمة الإفريقية الأخيرة، كمحاور لتعزيز العمل الإفريقى المشترك، وتحقيق التنمية والسلم والأمن فى قارتنا، وكذلك التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمى وتطور البنية التحتية، مرحبًا بكل شراكة من شأنها تعزيز جهود دول القارة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، والارتقاء بمستوى معيشة المواطن الإفريقى. لقد أثبت الرئيس السيسى أن مصر تتبنى، من خلال رئاستها للاتحاد الإفريقى، إستراتيجية التنمية والتكامل الإقليمى، وتقود مسيرة البناء فى القارة، التى تبدأ عهدًا جديدًا من الرخاء بقيادة دولة 30 يونيو القوية.. وتلك رسالة أخرى مما تبوح به مصرنا الغالية. وتبقى كلمة: نحن هنا فى العاصمة الصينيةبكين، نشعر بهذا الفخر للحفاوة والتقدير لدولتنا ومكانتها، وإذا كان العالم كله، وقادته الكبار يكنون لرئيسنا هذا الإعزاز، بما قدمه لوطنه، فإن فى مصر شعبًا عظيمًا يدرك ذلك جيدًا، ولكننا لن نمل من تذكير أنفسنا وشعبنا، بأن نشمر عن سواعدنا للعمل الجاد وتحقيق أحلامنا الطموح.. فنحن على الطريق الصحيح.. وفى الصين ومنتداها الدولى خير دليل.