قال المصريون رجالا ونساء كلمتهم فى الخارج والداخل من خلال طوابير الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وأبهر المشهد العالم بمقار السفارات والبعثات الدبلوماسية، وأمام اللجان فى جميع المحافظات ليقولوا: نحن هنا.. نحن الذين نقرر مصيرنا ونبنى مستقبل وطننا ونستكمل ما بدأناه من إنجازات وما واجهناه من تحديات بعزيمة وإرادة وروح ثورة 30 يونيو. ما الذى دفع المصريين إلى التوجه بكثافة إلى لجان الاستفتاء رغم حملات التشويه والتشكيك التى طالت التعديلات منذ أن بدأ الحديث عنها؟.. الإجابة باختصار تكمن فى كلمتين.. إنها «معركة الوعى» التى خاضها المصريون منذ 30 يونيو، وسجلوا - ولا يزالون يسجلون - فيها انتصارات تلو الأخرى، رافضين أن يقبلوا أى انكسارات أو إحباطات يصدرها لهم المخادعون والمتآمرون فى جماعة الإخوان الإرهابية. قلناها من قبل، ونقولها الآن ولن نمل من تكرارها، إن الشعب على درجة عالية من الوعى لما يحاك ضده من مخططات إخوانية، لإعادة التاريخ إلى الوراء وإحباط مسيرة بناء الوطن التى تمضى فى طريقها الصحيح بمنتهى السرعة والثبات، ولكننا لن نمل التذكير أيضا بأن نبقى جميعا على الجبهة يقظين وسلاحنا “صاحى” ضد غدر الإخوان ومكرهم وشرهم.. وما أكثره. قال المصريون كلمتهم فى طوابير الاستفتاء – ولا يزالون اليوم وغدا - ، وجاءت مشاركتهم الإيجابية في هذا الاستحقاق ردا قاطعا على من أرادوا أن يحولوا هذا الماراثون الديمقراطى والملحمة الوطنية إلى مناحة وبكائية على الطريقة الإخوانية التى فطن لها الشعب ووعاها مبكرا خلال العام الأسود الذى حكمت فيه الجماعة الإرهابية. أثبت الشعب أن رهان القيادة السياسية عليه كان ناجحا، عندما خاض الوطن «معركة الوعى» واعتبرتها القيادة معركة لا تقل أهمية وإستراتيجية عن المعركة التى تخوضها مصر ضد الإرهاب من ناحية، ومعركة البناء والتنمية من ناحية أخرى، وبات على المصريين أن يدركوا لماذا يلبون نداء الوطن إذا ما نادى عليهم أن أقبلوا، فإذا هم يهرولون للصناديق تلبية لهذا النداء. يقول الواقع إن مصر قطعت شوطا كبيرا وملهما على طريق المستقبل، ويقول الطموح إن الأمانى ممكنة وإن الأحلام ليس لها سقف ولا يحدها شىء، ولعل هذا ما يفسر إدراك الشعب لخطورة المرحلة وتحدياتها، فالإنجازات التى تحققت فى شتى مجالات التنمية، والمشروعات التى أنجزت فى مناخ الإصرار والتحدى والعزيمة من القيادة السياسية والإرادة الشعبية تحتاج إلى بيئة مواتية لاستكمالها.. يجب أن تتوفر فيها كل عناصر الاستمرارية والثبات، وهو ما كان يقتضى أن يكفلها الدستور، باعتباره الإطار الحاكم لنهضة وبناء مصر وتأمين مستقبل شعبها. خرج المصريون إلى طوابير الاستفتاء على تعديل بعض مواد الدستور بمنتهى الوعي والإدراك فى أن ما تم تعديله من مواد كفيل بأن يؤهلهم لاستكمال ما بدأوه، وأن ما جرى من تعديلات سيسرع من وتيرة الاستقرار والتنمية واستكمال أحلام دولة 30 يونيو التى استودعوها أحلامهم وآمالهم ومستقبلهم، ولذلك كان المحبطون هم أيضا فى معركة فاصلة مع المصريين، وكانت النتيجة لهذه المعركة مرهونة بوعى المصريين الذى انتصر فى النهاية على كل دعوات الإحباط.. هذا ليس كلامى وإنما هى رسالة واضحة من شعب واع ولجان تبوح ليس فقط بمشاركة المصريين فى الاستفتاء على خارطة طريق المستقبل، ولكنها تبوح أيضا بسر هذه الدولة وعظمة هذا الشعب وحكمة هذه القيادة.. إنها معركة الوعى التى تليق بمصر وشعبها ومستقبلها الذى تستحقه، وما استحقاق الاستفتاء إلا صورة جديدة من صور دولة 30 يونيو المشرفة التى أعادت لنا الكرامة والإرادة والوعى .