أعادت الجولة الإفريقية التى قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى غينيا، وكوت ديفوار، والسنغال، أجواء الريادة المصرية للقارة الإفريقية، كما أعادت روح التقدير الشعبى والرسمى المتبادل الذى عاشته مصر مع أشقائها فى إفريقيا فى ستينيات القرن الماضى فى عهد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، الذى تكرر ذكره مرارًا خلال هذه الجولة مع أسماء الزعماء المحررين لإفريقيا من الاستعمار، والمؤسسين لوحدتها، وتحديدًا أحمد سيكوتورى فى غينيا، وفيليكس بوانييه فى كوت ديفوار، وليوبولد سنجور فى السنغال. وذكر تقرير أصدرته «الهيئة العامة للاستعلامات» عن نتائج جولة الرئيس فى الدول الإفريقية الثلاث، أمس، أن القراءة الأولية لهذه الجولة الإفريقية، تكشف العديد من الملاحظات ذات الدلالات السياسية العميقة، من بينها أن هذه أول جولة للرئيس السيسى إلى دول إفريقية منذ تسلمه رئاسة مجلس رؤساء وقادة دول الاتحاد الإفريقى فى 10 فبراير الماضى، أى بعد شهرين فقط من تسلم الرئيس المهمة التى أولاه إياها قادة إفريقيا، الأمر الذى يؤكد جدية مصر وإدراك قيادتها لمسئوليتها إزاء القارة، وترجمة هذه المسئولية إلى واقع ملموس يعزز علاقات مصر بدول القارة، ويحقق التواصل والتشاور السياسى من أجل حل المشكلات الإفريقية، وبناء علاقات تعاون متطور يحقق مصالح شعوبها، وآمالها فى الاستقرار والتنمية والرخاء. وطبقًا لتقرير «هيئة الاستعلامات»، فإن اختيار الدول الثلاث «غينيا، كوت ديفوار، السنغال» ضاعف من أهمية جولة الرئيس ومغزاها السياسى والإستراتيجى، حيث إن جولة الرئيس بدأت بعاصمة إفريقية، واختتمت بعاصمتين إفريقيتين، وفى وسطها زيارة العاصمة الأمريكيةواشنطن، وهى إشارة لا تخطئها عين، مفادها أن أى عاصمة إفريقية تحظى بنفس الأهمية لدى مصر وقيادتها وحركتها الدبلوماسية، مع أكبر وأهم عواصم العالم، رغم الحجم الكبير جدًا لعلاقات مصر مع واشنطن، تجاريًا «7.2 مليار دولار سنويًا» واستثماريًا «23 مليار دولار»، فضلًا عن العلاقات السياسية والعسكرية، ولكن علاقات مصر بإفريقيا، وإن لم تكن على القدر نفسه فى هذه المجالات، إلا أنها علاقة جغرافيا وتاريخ ومصير مشترك وتفاعل إنسانى. وقالت الهيئة، فى تقريرها: إن مشهد الاستقبال الشعبى المفعم بالمشاعر للرئيس السيسى فى شوارع العاصمة الغينية، هو مشهد لم نألفه لرئيس مصرى على أرض إفريقية منذ نصف قرن، كما لم تبادر أى دولة إفريقية، منذ عشرات السنين أيضًا، بإطلاق اسم رئيس مصرى على أحد معالمها، مثلما فعلت غينيا بإطلاق اسم الرئيس السيسى على المجمع الجديد بجامعة جمال عبد الناصر بالعاصمة كوناكرى. والتقدير نفسه، عبر عنه الرؤساء فى الدول الثلاث، ففى غينيا تم تقليد الرئيس السيسى «وسام الاستحقاق الوطنى»، وهو أرفع وسام فى جمهورية غينيا، كما ثمن الرئيس ألفا كوندى، «الدور المصرى المحورى والنشط فى عمقها الإستراتيجى فى إفريقيا، خاصةً مع انطلاق الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقى، منوهًا بحاجة القارة إلى قيام مصر بتعظيم انخراطها الإيجابى والفعال فى معالجة مختلف الشواغل الإفريقية، لا سيما المتعلقة بقضايا السلم والأمن والتنمية، لما لمصر من ثقل وتواجد مؤثرين على الساحتين الإقليمية والدولية. وفى كوت ديفوار، قلد الرئيس الإيفوارى الحسن واتارا، الرئيس السيسى «وسام الاستحقاق الوطنى»، وهو أرفع وسام فى كوت ديفوار، معتبرًا زيارة رئيس مصر لبلاده «حدثًا تاريخيًا بالنظر إلى كونها الزيارة الأولى على الإطلاق لرئيس مصرى إلى كوت ديفوار» حسب قوله. وأضاف تقرير «هيئة الاستعلامات»، أن مباحثات الرئيس السيسى فى الدول الثلاث تمحورت حول قضيتين رئيسيتين: القضية الأولى، هى مكافحة الإرهاب والتطرف، وتحقيق السلم والأمن والاستقرار فى إفريقيا.. والقضية الثانية، هى: التنمية وتعزيز التعاون التجارى والاستثمارى وفى مجال البنية التحتية بين مصر وهذه الدول. وفى القضيتين، تأكد أن الدول الإفريقية تدرك حجم النجاح الذى حققته مصر فى الملفين معًا خلال السنوات الأربع الماضية، الأمر الذى وصفه الرئيس السنغالى ب«التجربة التنموية الملهمة» فى مصر، كما شغل الحديث عن هذين الملفين معظم نصوص البيانات الرسمية والمؤتمرات الصحفية للقادة خلال الزيارة. من ثم، فقد أصبح لدى مصر ما تقدمه فعلًا وبكل ثقة إلى الدول الإفريقية فى أهم قضيتين يحددان مستقبل القارة.